فهو يؤوب أوبا، وهو رجل آئب من سفره، وأواب من ذنوبه. القول في تأويل قوله تعالى * (وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا) *.
اختلف أهل التأويل في المعني بقوله وآت ذا القربى فقال بعضهم: عنى به: قرابة الميت من قبل أبيه وأمه، أمرا الله جل ثناؤه عباده بصلتها. ذكر من قال ذلك:
16786 - حدثنا عمران بن موسى، قال: ثنا عبد الوارث بن سعيد، قال: ثنا حبيب المعلم، قال: سأل رجل الحسن، قال: أعطي قرابتي زكاة مالي، فقال: إن لهم في ذلك لحقا سوى الزكاة، ثم تلا هذه الآية وآت ذا القربى حقه.
16787 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة، قوله وآت ذا القربى حقه قال: صلته التي تريد أن تصله بها ما كنت تريد أن تفعله إليه.
16788 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل قال: هو أن تصل ذا القربة والمسكين وتحسن إلى ابن السبيل.
وقال آخرون: بل عنى به قرابه رسول الله (ص). ذكر من قال ذلك:
16789 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي، قال: ثنا إسماعيل بن أبان، قال: ثنا الصباح بن يحيى المزني، عن السدي، عن أبي الديلم، قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام لرجل من أهل الشام: أقرأت القرآن؟ قال: نعم، قال: أفما قرأت في بني إسرائيل وآت ذا القربى حقه قال: وإنكم للقرابة التي أمر الله جل ثناؤه أن يؤتي حقه؟ قال: نعم.
وأولى التأويلين عندي بالصواب، تأويل من تأول ذلك أنها بمعنى وصية الله عباده بصلة قرابات أنفسهم وأرحامهم من قبل آبائهم وأمهاتهم، وذلك أن الله عز وجل عقب ذلك عقيب حضه عباده على بر الآباء والأمهات، فالواجب أن يكون ذلك حضا على صلة أنسابهم دون أنساب غيرهم التي لم يجر لها ذكر. وإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام:
وأعط يا محمد ذا قرابتك حقه من صلتك إياه، وبرك به، والعطف عليه. وخرج ذلك مخرج