فإن ظن ظان أن ذلك مخصوص بالخبر الذي رويناه عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم والحمد الله، ولا إله إلا الله والله أكبر، هو من الباقيات الصالحات، ولم يقل: هن جميع الباقيات الصالحات، ولا كل الباقيات الصالحات، وجائز أن تكون هذه باقيات صالحات، وغيرها من أعمال البر أيضا باقيات صالحات. القول في تأويل قوله تعالى: * (ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ئ وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم أن لن نجعل لكم موعدا) *.
يقول تعالى ذكره: ويوم نسير الجبال عن الأرض، فنبسها بسا، ونجعلها هباء منبثا وترى الأرض بارزة ظاهرة، وظهورها لرأي أعين الناظرين من غير شئ يسترها من جبل ولا شجر هو بروزها. وبنحو ذلك قال جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
17417 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ح وحدثني الحرث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وترى الأرض بارزة قال: لا خمر فيها ولا غيابة ولا بناء، ولا حجر فيها.
* - حدثني القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
17418 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وترى الأرض بارزة ليس عليها بناء ولا شجر.
وقيل: معنى ذلك: وترى الأرض بارزا أهلها الذين كانوا في بطنها، فصاروا على ظهرها. وقوله وحشرناهم يقول: جمعناهم إلى موقف الحساب فلم نغادر منهم أحدا، يقول: فلم نترك، ولم نبق منهم تحت الأرض أحدا، يقال منه: ما غادرت من القوم أحدا، وما أغدرت منهم أحدا، ومن أغدرت قول الراجز:
هل لك والعارض منك عائض * في هجمة يغدر منها القابض