يقول تعالى ذكره: قال موسى للعالم: هل أتبعك على أن تعلمن من العلم الذي علمك الله ما هو رشاد إلى الحق، ودليل على هدى؟ قال إنك لن تستطيع معي صبرا يقول تعالى ذكره: قال العالم: إنك لن تطيق الصبر معي، وذلك أني أعمل بباطن علم علمنيه الله، ولا علم لك إلا بالظاهر من الأمور، فلا تصبر على ما ترى من الأفعال، كما ذكرنا من الخبر عن ابن عباس قبل من أنه كان رجلا يعمل على الغيب قد علم ذلك. القول في تأويل قوله تعالى: * (وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا ئ قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا) *.
يقول عز ذكره مخبرا عن قول العالم لموسى: وكيف تصبر يا موسى على ما ترى مني من الأفعال التي لا علم لك بوجوه صوابها، وتقيم معي عليها، وأنت إنما تحكم على صواب المصيب وخطأ المخطئ بالظاهر الذي عندك، وبمبلغ علمك، وأفعالي تقع بغير دليل ظاهر لرأي عينك على صوابها، لأنها تبتدأ لأسباب تحدث آجلة غير عاجلة، لا علم لك بالحادث عنها، لأنها غيب، ولا تحيط بعلم الغيب خبرا يقول علما، قال: ستجدني إن شاء الله صابرا على ما أرى منك وإن كان خلافا لما هو عندي صواب ولا أعصي لك أمرا يقول: وأنتهي إلى ما تأمرني، وإن لم يكن موافقا هواي. القول في تأويل قوله تعالى: * (قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا) *.
يقول تبارك وتعالى: قال العالم لموسى: فإن اتبعتني الآن فلا تسألني عن شئ أعمله مما تستنكره، فإني قد أعلمتك أني أعمل العمل على الغيب الذي لا تحيط به علما حتى أحدث لك منه ذكرا يقول: حتى أحدث أنا لك مما ترى من الأفعال التي أفعلها التي تستنكرها أذكرها لك وأبين لك شأنها، وأبتدئك الخبر عنها، كما:
17499 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس فلا تسألني عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا يعني عن شئ أصنعه حتى أبين لك شأنه. القول في تأويل قوله تعالى: *