الحسن أولى بالصواب في ذلك. وقد زعم بعض أهل العربية من أهل البصرة أن ذلك جائز، ولا أعلم لما قال وجها يصح إلا بعيدا وهو أن يقال: جاء حصير بمعنى حاصر، كما قيل:
عليم بمعنى عالم، وشهيد بمعنى شاهد، ولم يسمع ذلك مستعملا في الحاصر كما سمعنا في عالم وشاهد. القول في تأويل قوله تعالى: * (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا ئ وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما) *.
يقول تعالى ذكره: إن هذا القرآن الذي أنزلناه على نبينا محمد (ص) يرشد ويسدد من اهتدى به للتي هي أقوم يقول: للسبيل التي هي أقوم من غيرها من السبل، وذلك دين الله الذي بعث به أنبياءه وهو الاسلام. يقول جل ثناؤه: فهذا القرآن يهدي عباد الله المهتدين به إلى قصد السبيل التي ضل عنها سائر أهل الملل المكذبين به، كما:
16692 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم قال: للتي هي أصوب: هو الصواب وهو الحق قال: والمخالف هو الباطل. وقرأ قول الله تعالى: فيها كتب قيمة قال: فيها الحق ليس فيها عوج. وقرأ ولم نجعل له عوجا قيما يقول: قيما مستقيما.
وقوله: ويبشر المؤمنين يقول: ويبشر أيضا مع هدايته من اهتدى به للسبيل الأقصد الذين يؤمنون بالله ورسوله، ويعملون في دنياهم بما أمرهم الله به، وينتهون عما نهاهم عنه بأن لهم أجرا من الله على إيمانهم وعملهم الصالحات كبيرا يعني ثوابا عظيما، وجزاء جزيلا، وذلك هو الجنة التي أعدها الله تعالى لمن رضي عمله، كما:
16693 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج أن لهم أجرا كبيرا قال: الجنة، وكل شئ في القرآن أجر كبير، أجر كريم، ورزق كريم فهو الجنة، وأن في قوله: أن لهم أجرا كبيرا نصب بوقوع البشارة عليها وأن الثانية معطوفة عليها.
وقوله: (وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة) يقول تعالى ذكره: وأن الذين لا يصدقون بالمعاد إلى الله، ولا يقرون بالثواب والعقاب في الدنيا، فهم لذلك لا يتحاشون من ركوب