(إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا حين أوى الفتية أصحاب الكهف إلى كهف الجبل، هربا بدينهم إلى الله، فقالوا إذ أووه: ربنا آتنا من لدنك رحمة رغبة منهم إلى ربهم، في أن يرزقهم من عنده رحمة.
وقوله: وهيئ لنا من أمرنا رشدا يقول: وقالوا: يسر لنا بما نبتغي وما نلتمس من رضاك والهرب من الكفر بك، ومن عبادة الأوثان التي يدعونا إليها قومنا، رشدا يقول:
سدادا إلى العمل بالذي تحب.
وقد اختلف أهل العلم في سبب مصير هؤلاء الفتية إلى الكهف الذي ذكره الله في كتابه، فقال بعضهم: كان سبب ذلك، أنهم كانوا مسلمين على دين عيسى، وكان لهم ملك عابد وثن، دعاهم إلى عبادة الأصنام فهربوا بدينهم منه خشية أن يفتنهم عن دينهم، أو يقتلهم، فاستخفوا منه في الكهف. ذكر من قال ذلك:
17268 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الحكم بن بشير، قال: ثنا عمرو في قوله:
أصحاب الكهف والرقيم كانت الفتية على دين عيسى على الاسلام، وكان ملكهم كافرا، وقد أخرج لهم صنما، فأبوا، وقالوا: ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونهه إلها لقد قلنا إذا شططا قال: فاعتزلوا عن قومهم لعبادة الله، فقال أحدهم: إنه كان لأبي كهف يأوي فيه غنمه، فانطلقوا بنا نكن فيه، فدخلوه، وفقدوا في ذلك الزمان فطلبوا، فقيل: دخلوا هذا الكهف، فقال قومهم: لا نريد لهم عقوبة ولا عذابا أشد من أن نردم عليهم هذا الكهف، فبنوه عليهم ثم ردموه. ثم إن الله بعث عليهم ملكا على دين عيسى، ورفع ذلك البناء الذي كان ردم عليهم، فقال بعضهم لبعض: كم لبثتم؟
قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم... حتى بلغ فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة وكان ورق ذلك الزمان كبارا، فأرسلوا أحدهم يأتيهم بطعام وشراب فلما ذهب ليخرج، رأى على باب الكهف شيئا أنكره فأراد أن يرجع، ثم مضى حتى دخل المدينة، فأنكر ما رأى، ثم أخرج درهما، فنظروا إليه فأنكروه، وأنكروا الدرهم، وقالوا: