لكن، وهي ساكنة في النون التي من أنا، إذ سقطت الهمزة التي في أنا، فإذا وقف عليها ظهرت الألف التي في أنا، فقيل: لكنا، لأنه يقال في الوقف على أنا بإثبات الألف لا بإسقاطها. وقرأ ذلك جماعة من أهل الحجاز: لكنا بإثبات الألف في الوصل والوقف، وذلك وإن كان مما ينطق به في ضرورة الشعر، كما قال الشاعر:
أنا سيف العشيرة فاعرفوني * حميدا قد تذريت السناما فأثبت الألف في أنا، فليس ذلك بالفصيح من الكلام، والقراءة التي هي القراءة الصحيحة عندنا ما ذكرنا عن العراقيين، وهو حذف الألف من لكن في الوصل، وإثباتها في الوقف. القول في تأويل قوله تعالى: * (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا) *.
يقول عز ذكره: وهلا إذ دخلت بستانك، فأعجبك ما رأيت منه، قلت ما شاء الله كان وفي الكلام محذوف استغني بدلالة ما ظهر عليه منه، وهو جواب الجزاء، وذلك كان.
وإذا وجه الكلام إلى هذا المعنى الذي قلنا كانت ما نصبا بوقوع فعل الله عليه، وهو شاء وجاز طرح الجواب، لان معنى الكلام معروف، كما قيل: فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض، وترك الجواب، إذ كان مفهوما معناه. وكان بعض أهل العربية يقول ما من قوله: ما شاء الله في موضع رفع بإضمار هو، كأنه قيل: قلت هو ما شاء الله لا قوة إلا بالله يقول: لا قوة على ما نحاول من طاعته إلا به. وقوله: إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا وهو قول المؤمن الذي لا مال له، ولا عشيرة، مثل صاحب الجنتين وعشيرته، وهو مثل سلمان وصهيب وخباب، يقول: قال المؤمن للكافر: إن ترن أيها الرجل أنا أقل منك مالا وولدا فإذا جعلت أنا عمادا نصبت أقل، وبه القراءة عندنا، لان عليه قراءة الأمصار، وإذا جعلته اسما رفعت أقل. القول في تأويل قوله تعالى: *