إنك رسولي في تحقيق ما سألوا عنه من نبوته ولم يجعل له عوجا قيما: أي معتدلا، لا اختلاف فيه. القول في تأويل قوله تعالى: * (قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا) *.
يقول تعالى ذكره: أنزل على عبده القرآن معتدلا مستقيما لا عوج فيه لينذركم أيها الناس بأسا من الله شديدا. وعنى بالبأس العذاب العاجل، والنكال الحاضر والسطوة.
وقوله: من لدنه يعني: من عند الله. وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
17231 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق لينذر بأسا شديدا عاجل عقوبة في الدنيا وعذابا في الآخرة. من لدنه: أي من عند ربك الذي بعثك رسولا.
* - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، بنحوه.
17232 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: من لدنه: أي من عنده.
فإن قال قائل: فأين مفعول قوله لينذر فإن مفعوله محذوف اكتفى بدلالة ما ظهر من الكلام عليه من ذكره، وهو مضمر متصل بينذر قبل البأس، كأنه قيل: لينذركم بأسا، كما قيل: يخوف أولياءه إنما هو: يخوفكم أولياءه.
وقوله: ويبشر المؤمنين يقول: ويبشر المصدقين الله ورسوله الذين يعملون الصالحات وهو العمل بما أمر الله بالعمل به، والانتهاء عما نهى الله عنه أن لهم أجرا حسنا يقول: ثوابا جزيلا له من الله على إيمانهم بالله ورسوله، وعملهم في الدنيا الصالحات من الأعمال، وذلك الثواب: هو الجنة التي وعدها المتقون. وقوله: ماكثين فيه أبدا خالدين، لا ينتقلون عنه، ولا ينقلون ونصب ماكثين على الحال من قوله: أن