(قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه: قل يا محمد لهؤلاء الذين أبوا الايمان بك وتصديقك فيما جئتهم به من عندي، استنكارا لان يبعث الله رسولا من البشر: لو كان أيها الناس في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين، لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا، لان الملائكة إنما تراهم أمثالهم من الملائكة، ومن خصه الله من بني آدم برؤيتها، فأما غيرهم فلا يقدرون على رؤيتها فكيف يبعث إليهم من الملائكة الرسل، وهم لا يقدرون على رؤيتهم وهم بهيئاتهم التي خلقهم الله بها، وإنما يرسل إلى البشر الرسول منهم، كما لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين، ثم أرسلنا إليهم رسولا أرسلناه منهم ملكا مثلهم. القول في تأويل قوله تعالى * (قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم إنه كان بعباده خبيرا بصيرا) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه: قل يا محمد للقائلين لك: أبعث الله بشرا رسولا كفى بالله شهيدا بيني وبينكم فإنه نعم الكافي والحاكم إنه كان بعباده خبيرا يقول: إن الله بعباده ذو خبرة وعلم بأمورهم وأفعالهم، والمحق منهم والمبطل، والمهدي والضال بصيرا بتدبيرهم وسياستهم وتصريفهم فيما شاء، وكيف شاء وأحب، لا يخفى عليه شئ من أمورهم، وهو مجاز جميعهم بما قدم عند ورودهم عليه. القول في تأويل قوله تعالى * (ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا) *.
يقول تعالى ذكره: ومن يهد الله يا محمد للايمان به، ولتصديقك وتصديق ما جئت به من عند ربك، فوفقه لذلك، فهو المهتد الرشيد المصيب الحق، لا من هداه غيره، فإن الهداية بيده. ومن يضلل يقول: ومن يضلله الله عن الحق، فيخذله عن إصابته، ولم