وقوله: (ذلك من آيات الله) يقول عز ذكره: فعلنا هذا الذي فعلنا بهؤلاء الفتية الذين قصصنا عليكم أمرهم من تصييرناهم، إذ أردنا أن نضرب على آذانهم بحيث تزاور الشمس عن مضاجعهم ذات اليمين إذا هي طلعت، وتقرضهم ذات الشمال إذا هي غربت، مع كونهم في المتسع من المكان، بحيث لا تحرقهم الشمس فتشحبهم، ولا تبلى على طول رقدتهم ثيابهم، فتعفن على أجسادهم، من حجج الله وأذلته على خلقه، والأدلة التي يستدل بها أولو الألباب على عظيم قدرته وسلطانه، وأنه لا يعجزه شئ أراه. وقوله (من يهد الله فهو المهتد) يقول عز وجل: من يوفقه الله للاهتداء بآياته وحججه إلى الحق التي جعلها أدلة عليه، فهو المهتدي. يقول: فهو الذي قد أصاب سبيل الحق (ومن يضلل) يقول:
ومن أضله الله عن آياته وأدلته، فلم يوفقه للاستدلال بها على سبيل الرشاد (فلن تجر له وليا مرشدا) يقول: فلن تجد له يا محمد خليلا وحليفا يرشده لاصابتها، لان التوفيق والخذلان بيد الله، يوفق من يشاء من عباده، فإني لو شئت هديتهم فآمنوا، وبيدي الهداية والضلال. القول في تأويل قوله تعالى:
(وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): وتحسب يا محمد هؤلاء الفتية الذين قصصنا عليك قصتهم، لو رأيتهم في حال ضربنا على آذانهم في كهفهم الذي أووا إليه أيقاظا.
والايقاظ: جمع يقظ ومنه قول الراجز:
ووجدوا إخوتهم أيقاظا * وسيف غياظ لهم غياظا وقوله: وهم رقود يقول: وهم نيام. والرقود: جمع راقد، كالجلوس: جمع جالس، والقعود جمع قاعد. وقوله: ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال يقول جل ثناؤه: ونقلب هؤلاء الفتية في رقدتهم مرة للجنب الأيمن، ومرة للجنب الأيسر، كما: