قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا) *.
يقول عز ذكره: وأي الناس أوضع للاعراض والصد في غير موضعهما ممن ذكر ه بآياته وحججه، فدله بها على سبيل الرشاد، وهداه بها إلى طريق النجاة، فأعرض عن آياته وأدلته التي في استدلاله بها الوصول إلى الخلاص من الهلاك ونسي ما قدمت يداه يقول: ونسي ما أسلف من الذنوب المهلكة فلم يتب، ولم ينب كما:
17454 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ونسي ما قدمت يداه: أي نسي ما سلف من الذنوب.
وقوله: إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا يقول تعالى ذكره:
إنا جعلنا على قلوب هؤلاء الذين يعرضون عن آيات الله إذا ذكروا بها أغطية لئلا يفقهوه، لان المعنى أن يفقهوا ما ذكروا به. وقوله: وفي آذانهم وقرا يقول: في آذانهم ثقلا لئلا يسمعوه وإن تدعهم إلى الهدى يقول عز ذكره لنبيه محمد (ص): وإن تدع يا محمد هؤلاء المعرضين عن آيات الله عند التذكير بها إلى الاستقامة على محجة الحق والايمان بالله، وما جئتهم به من عند ربك فلن يهتدوا إذا أبدا يقول: فلن يستقيموا إذا أبدا على الحق، ولن يؤمنوا بما دعوتهم إليه، لان الله قد طبع على قلوبهم، وسمعهم وأبصارهم. القول في تأويل قوله تعالى: * (وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): وربك الساتر يا محمد على ذنوب عباده بعفوه عنهم إذا تابوا منهم ذو الرحمة بهم لو يؤاخذهم بما كسبوا هؤلاء المعرضين عن آياته إذا ذكروا بها بما كسبوا من الذنوب والآثام، لعجل لهم العذاب ولكنه لرحمته بخلقه غير فاعل ذلك بهم إلى ميقاتهم وآجالهم، بل لهم موعد يقول: لكن لهم موعد، وذلك ميقات محل عذابهم، وهو يوم بدر لن يجدوا من دونه موئلا يقول تعالى: ذكره: لن يجد هؤلاء المشركون، وإن لم يعجل لهم العذاب في الدنيا من دون الموعد الذي جعلته ميقاتا لعذابهم، ملجأ يلجأون إليه، ومنجى ينجون معه، يعني أنهم لا يجدون معقلا