وإذ كان كما ذكروا وجب أن تكون القراءة: ولا تقف بضم القاف وسكون الفاء، مثل:
ولا تقل. قال: والعرب تقول: قفوت أثره، وقفت أثره، فتقدم أحيانا الواو على الفاء وتؤخرها أحيانا بعدها، كما قيل: قاع الجمل الناقة: إذا ركبها وقعا وعاث وعثى وأنشد سماعا من العرب.
ولو أني رميتك من قريب * لعاقك من دعاء الذئب عاق يعني عائق، ونظائر هذا كثيرة في كلام العرب.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: لا تقل للناس وفيهم ما لا علم لك به، فترميهم بالباطل، وتشهد عليهم بغير الحق، فذلك هو القفو.
وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال فيه بالصواب، لان ذلك هو الغالب من استعمال العرب القفو فيه.
وأما قوله إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا فإن معناه: إن الله سائل هذه الأعضاء عما قال صاحبها، من أنه سمع أو أبصر أو علم، تشهد عليه جوارحه عند ذلك بالحق، وقال أولئك، ولم يقل تلك، كما قال الشاعر:
ذم المنازل بعد منزلة اللوى * والعيش بعد أولئك الأيام وإنما قيل: أولئك، لان أولئك وهؤلاء للجمع القليل الذي يقع للتذكير والتأنيث، وهذه وتلك للجمع الكثير فالتذكير للقليل من باب أن كان التذكير في الأسماء قبل التأنيث. لك التذكير للجمع الأول، والتأنيث للجمع الثاني، وهو الجمع الكثير، لان العرب تجعل الجمع على مثال الأسماء. القول في تأويل قوله تعالى: * (ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها) *.