قال: أخبرني إسماعيل بن شروس، أنه سمع وهب بن منبه يقول: جاء حواري عيسى ابن ميم إلى مدينة أصحاب الكهف، فأراد أن يدخلها، فقيل له: إن على بابها صنما لا يدخلها أحد إلا سجد له. فكره أن يدخلها، فأتى حماما، فكان فيه قريبا من تلك المدينة، فكان يعمل فيه يؤاجر نفسه من صاحب الحمام. ورأى صاحب الحمام في حمامه الركة ودر عليه الرزق، فجعل يعرض عليه الاسلام، وجعل يسترسل إليه، وعلقه فتية من أهل المدنية، وجعل يخبرهم خبر السماء والأرض وخبر الآخرة، حتى آمنوا به وصدقوه، وكانوا على مثل حاله في حسن الهيئة. وكان يشترط على صاحب الحمام أن الليل لي لا تحول بيني وبين الصلاة إذا حضرت، فكان على ذلك حتى جاء ابن الملك، وتدخل معك هذه النكداء؟! فاستحيا، فذهب فرجع مرة أخرى، فقال له مثل ذلك، فسبه وانتهره ولم يلتفت تحتي دخل ودخلت معه المرأة، فماتا في الحمام جميعا. فأتى الملك، فقيل له: قتل صاحب الحمام ابنك!
فالتمس، فلم يقدر عليه هربا، قال: من كان يصحبه؟ فسموا الفتية، فالتمسوا، فانطلق معهم الكلب، حتى أواهم الليل إلى الكهف، فدخلوه، فقالوا: نبيت ههنا الليلة، ثم نصبح إن شاء الله فترون رأيكم، فضرب على آذانهم. فخرج الملك في أصحابه يتبعونهم حتى وجدوهم قد دخلوا الكهف، فكلما أراد رجل أن يدخل أرعب، فلم يطق أحد أن يدخله، فقال قائل: أليس لو كنت قدرت عليهم قتلتهم؟ قال: بلى! قال: فابن عليهم باب الكهف، ودعهم فيه يموتوا عطشا وجوعا، ففعل. القول في تأويل قوله تعالى: * (فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا) *.
يعني جل ثناؤه بقوله: فضربنا على آذانهم في الكهف: فضربنا على آذانهم بالنوم في الكهف: أي ألقينا عليهم النوم، كما يقول القائل لآخر: ضربك الله بالفالج، بمعنى ابتلاه الله به، وأرسله عليه. وقوله: سنين عددا يعني سنين معدودة، ونصب العدد بقوله فضربنا. وقوله: ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى يقول: ثم بعثنا هؤلاء الفتية الذين أووا إلى الكهف بعد ما ضربنا على آذانهم فيه سنين عددا من رقدتهم، لينظر عبادي فيعلموا بالبحث، أي الطائفتين اللتين اختلفتا في قدر مبلغ مكث الفتية في كهفهم رقودا