يقول تعالى ذكره: وأفوا بميثاق الله إذا واثقتموه، وعقده إذا عاقد تموه، فأوجبتم به على أنفسكم حقا لمن عاقد تموه به وواثقتموه عليه. * (ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيد ها) * يقول: ولا تخالفوا الأمر الذي تعاقدتم فيه الأيمان، يعني بعد ما شددتم الأيمان على أنفسكم، فتحنثوا في أيمانكم وتكذبوا فيها وتنقضوها بعد إبرامها، يقال منه: وكد فلان يمينه يؤكدها توكيدا: إذا شددها، وهي لغة أهل الحجاز، وأما أهل نجد، فإنهم جعلتم الله بالوفاء بما تعاقدتم عليه على أنفسكم راعيا يرعى الموفى بعهد الله الذي عاهد على الوفاء به الناقض.
وبنحو الذي قلنا في ذلك أهل التأويل على اختلاف بينهم فيمن عني بهذه الآية وفيما أنزلت، فقال بعضهم: عني بها الذين بايعوا رسول الله (ص) على الاسلام، وفيهم أنزلت: ذكر من قال ذلك.
حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال: ثنا عبد الله بن موسى، قال:
أخبرنا أبو ليلى عن بريده قوله * (وأفوا بعهد الله إذا عاهد تم) * قال: أنزلت هذه الآية في بيعة النبي (ص) كان من أسلم بايع على الاسلام فقالوا: * (وأفوا بعهد الله إذا عاهدتم) * هذه البيعة التي بايعتم على الاسلام * (ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها) * البيعة، فلا يحملكم قلة محمد (ص) وأصحابه وكثرة المشركين أن تنقضوا البيعة التي بايعتم على الاسلام، وإن كان فيهم قلة والمشركين فيهم كثرة وقال آخرون: نزلت في الحلف الذي كان أهل الشرك تحالفوا في الجاهلية فأمرهم الله عز وجل في الاسلام أن يوفوا به ولا ينقضوه. ذكره من قال ذلك.
حدثني محمد بن عمرو قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، جميعا عن أبن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله تعالى: * (ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها) * قال: تغليظها في الحلف.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، وحدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق قال: ثنا عبد الله عن ورقاء جميعا عن ابن نجيح عن مجاهد مثله.