قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص) مسليه بذلك عما لقي من كفرة قومه في ذات الله، وحاثا له على الصبر على ما نال فيه: وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا يقول:
وكما ابتليناك يا محمد بأن جعلنا لك من مشركي قومك أعداء شياطين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول ليصدوهم بمجادلتهم إياك بذلك عن اتباعك والايمان بك وبما جئتهم به من عند ربك كذلك ابتلينا من قبلك من الأنبياء والرسل، بأن جعلنا لهم أعداء من قومهم يؤذونهم بالجدال والخصومات، يقول: فهذا الذي امتحنتك به لم تخصص به من بينهم وحدك، بل قد عممتهم بذلك معك لأبتليهم وأختبرهم مع قدرتي على منع من آذاهم من إيذائهم، فلم أفعل ذلك إلا لأعرف أولي العزم منهم من غيرهم يقول: فاصبر أنت كما صبر أولو العزم من الرسل. وأما شياطين الإنس والجن فإنهم مردتهم. وقد بينا الفعل الذي منه بني هذا الاسم بما أغنى عن إعادته. ونصب العدو والشياطين بقوله: جعلنا.
وأما قوله: يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا فإنه يعني: أنه يلقي الملقي منهم القول الذي زينه وحسنه بالباطل إلى صاحبه، ليغتر به من سمعه فيضل عن سبيل الله.
ثم اختلف أهل التأويل في معنى قوله: شياطين الإنس والجن فقال بعضهم:
معناه: شياطين الانس التي مع الانس، وشياطين الجن التي مع الجن وليس للانس شياطين. ذكر من قال ذلك:
10714 - حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه أما شياطين الانس: فالشياطين التي تضل الانس، وشياطين الجن الذين يضلون الجن يلتقيان فيقول كل واحد منهما: إني أضللت صاحبي بكذا وكذا، وأضللت أنت صاحبك بكذا وكذا، فيعلم بعضهم بعضا.
10715 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو نعيم، عن شريك، عن سعيد بن مسروق، عن عكرمة: شياطين الإنس والجن قال: ليس في الانس شياطين ولكن شياطين الجن يوحون إلى شياطين الانس، وشياطين الانس يوحون إلى شياطين الجن.
10716 - حدثني الحرث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا إسرائيل، عن السدي،