10706 - حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شئ قبلا ما كانوا ليؤمنوا وهم أهل الشقاء. ثم قال: إلا أن يشاء الله وهم أهل السعادة الذين سبق لهم في علمه أن يدخلوا في الايمان.
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول ابن عباس، لان الله جل ثناؤه عم بقوله: ما كانوا ليؤمنوا القوم الذين تقدم ذكرهم في قوله: وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها. وقد يجوز أن يكون الذين سألوا الآية كانوا هم المستهزئين الذين قال ابن جريج: إنهم عنوا بهذه الآية ولكن لا دلالة في ظاهر التنزيل على ذلك ولا خبر تقوم به حجة بأن ذلك كذلك. والخبر من الله خارج مخرج العموم، فالقول بأن ذلك عني به أهل الشقاء منهم أولى لما وصفنا.
واختلفت القراء في قراءة قوله: وحشرنا عليهم كل شئ قبلا فقرأته قراء أهل المدينة: قبلا بكسر القاف وفتح الباء، بمعنى معاينة، من قول القائل: لقيته قبلا: أي معاينة ومجاهرة. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين والبصريين: وحشرنا عليهم كل شئ قبلا بضم القاف والباء.
وإذا قرئ كذلك كان له من التأويل ثلاثة أوجه: أحدها أن يكون القبل: جمع قبيل كالرغف التي هي جمع رغيف، والقضب التي هي جمع قضيب، ويكون القبل: الضمناء والكفلاء وإذا كان ذلك معناه، كان تأويل الكلام: وحشرنا عليهم كل شئ كفلاء يكفلون لهم بأن الذي نعدهم على إيمانهم بالله إن آمنوا أو نوعدهم على كفرهم بالله إن هلكوا على كفرهم، ما آمنوا إلا أن يشاء الله.
والوجه الآخر: أن يكون القبل بمعنى المقابلة والمواجهة، من قول القائل: أتيتك قبلا لا دبرا، إذا أتاه من قبل وجهه.
والوجه الثالث: أن يكون معناه: وحشرنا عليهم كل شئ قبيلة قبيلة، صنفا صنفا، وجماعة جماعة. فيكون القبل حينئذ جمع قبيل الذي هو جمع قبيلة، فيكون القبل جمع الجمع. وبكل ذلك قد قالت جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال: معنى ذلك: معاينة.