عقروا الناقة، وفيهم مصدع بن مهرج، فرماه مصدع بسهم، فانتظم قلبه، ثم جر برجله فأنزله، ثم ألقوا لحمه مع لحم أمه. فلما قال لهم صالح: أبشروا بعذاب الله ونقمته قالوا له وهم يهزءون به: ومتى ذلك يا صالح؟ وما آية ذلك؟ وكانوا يسمون الأيام فيهم: الأحد:
أول، والاثنين: أهون، والثلاثاء: دبار، والأربعاء: جبار، والخميس: مؤنس، والجمعة:
العروبة، والسبت: شيار، وكانوا عقروا الناقة يوم الأربعاء فقال لهم صالح حين قالوا ذلك: تصبحون غداة يوم مؤنس يعني يوم الخميس ووجوهكم مصفرة. ثم تصبحون يوم العروبة يعني يوم الجمعة ووجوهكم محمرة. ثم تصبحون يوم شيار يعني يوم السبت ووجوهكم مسودة. ثم يصبحكم العذاب يوم الأول يعني يوم الأحد. فلما قال لهم صالح ذلك، قال التسعة الذين عقروا الناقة: هلموا فلنقتل صالحا إن كان صادقا عجلناه قبلنا، وإن كان كاذبا يكون قد ألحقناه بناقته فأتوه ليلا ليبيتوه في أهله، فدمغتهم الملائكة بالحجارة. فلما أبطأوا على أصحابهم أتوا منزل صالح، فوجدوهم مشدخين قد رضخوا بالحجارة، فقالوا لصالح: أنت قتلتهم ثم هموا به، فقامت عشيرته دونه ولبسوا السلاح، وقالوا لهم: والله لا تقتلونه أبدا، فقد وعدكم أن العذاب نازل بكم في ثلاث، فإن كان صادقا لم تزيدوا ربكم عليكم إلا غضبا، وإن كان كاذبا فأنتم من وراء ما تريدون. فانصرفوا عنهم ليلتهم تلك، والنفر الذين رضختم الملائكة بالحجارة التسعة الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن بقوله تعالى: وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون... إلى قوله: لآية لقوم يعلمون فأصبحوا من تلك الليلة التي انصرفوا فيها عن صالح وجوههم مصفرة، فأيقنوا بالعذاب، وعرفوا أن صالحا قد صدقهم، فطلبوه ليقتلوه، وخرج صالح هاربا منها حتى لجأ إلى بطن من ثمود يقال لهم بنو غنم، فنزل على سيدهم رجل منهم يقال له نفيل يكنى بأبي هدب، وهو مشرك، فغيبه فلم يقدروا عليه.
فغدوا على أصحاب صالح، فعذبوهم ليدلوهم عليه، فقال رجل من أصحاب صالح يقال له ميدع بن هرم: يا نبي الله إنهم ليعذبوننا لندلهم عليك، أفندلهم عليك؟ قال: نعم فدلهم عليه ميدع بن هرم، فلما علموا بمكان صالح أتوا أبا هدب فكلموه، فقال لهم: عندي صالح، وليس لكم إليه سبيل. فأعرضوا عنه وتركوه، وشغلهم عنه ما أنزل الله بهم من عذابه، فجعل بعضهم يخبر بعضا بما يرون في وجوههم حين أصبحوا من يوم الخميس، وذلك أن وجوههم أصبحت مصفرة، ثم أصبحوا يوم الجمعة ووجوههم محمرة، ثم