فهرب منها فلما رأى ذلك، دخل خلف صخرة على طريقها فاستتر بها، فقال: أجيشوها علي فأجاشوها عليه، فلما جازت به نادوه: عليك فتناولها فعقرها، فسقطت فذلك قوله تعالى: فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر وأظهروا حينئذ أمرهم، وعقروا الناقة، وعتوا عن أمر ربهم، وقالوا: يا صالح ائتنا بما تعدنا وفزع ناس منهم إلى صالح وأخبروه أن الناقة قد عقرت، فقال: علي بالفصيل فطلبوا الفصيل فوجدوه على رابية من الأرض، فطلبوه، فارتفعت به حتى حلقت به في السماء، فلم يقدرا عليه. ثم دعا الفصيل إلى الله، فأوحى الله إلى صالح أن مرهم فليتمتعوا في دارهم ثلاثة أيام، فقال لهم صالح: تمتعوا في داركم ثلاثة أيام وآية ذلك أن تصبح وجوهكم أول يوم مصفرة، والثاني محمرة، واليوم الثالث مسودة، واليوم الرابع فيه العذاب. فلما رأوا العلامات تكفتوا وتحنطوا ولطخوا أنفسم بالمر، ولبسوا الأنطاع، وحفروا الأسراب، فدخلوا فيها ينتظرون الصيحة، حتى جاءهم العذاب فهلكوا فذلك قوله: فدمرناهم وقومهم أجمعين.
11500 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما أهلك الله عادا وتقضى أمرها، عمرت ثمود بعدها واستخلفوا في الأرض، فنزلوا فيها وانتشروا. ثم عتوا على الله، فلما ظهر فسادهم وعبدوا غير الله، بعث إليهم صالحا وكانوا قوما عربا، وهو من أوسطهم نسبا وأفضلهم موضعا رسولا. وكانت منازلهم الحجر إلى قرح، وهو وادي القرى، وبين ذلك ثمانية عشر ميلا فيما بين الحجاز والشام. فبعث الله إليهم غلاما شابا، فدعاهم إلى الله، حتى شمط وكبر، لا يتبعه منهم إلا قليل مستضعفون فلما ألح عليهم صالح بالدعاء، وأكثر لهم التحذير، وخوفهم من الله العذاب والنقمة، سألوه أن يريهم آية تكون مصداقا لما يقول فيما يدعوهم إليه، فقال لهم: أي آية تريدون؟ قالوا: تخرج معنا إلى عيدنا هذا وكان لهم عيد يخرجون إليه بأصنامهم وما يعبدون من دون الله في يوم معلوم من السنة فتدعو إلهك وندعو آلهتنا، فإن استجيب لك اتبعناك، وإن استجيب لنا أتبعتنا. فقال لهم صالح: نعم. فخرجوا بأوثانهم إلى عيدهم