الماء، فقال لهم صالح عليه السلام: هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم وقال الله لصالح: إن الماء قسمة بينهم، كل شرب محتضر أي إن الماء نصفان: لهم يوم ولها يوم وهي محتضرة، فيومها لا تدع شربها وقال لها شرب ولكم شرب يوم معلوم. فكانت فيما بلغني والله أعلم إذا وردت وكانت ترد غبا وضعت رأسها في بئر في الحجر يقال لها بئر الناقة، فيزعمون أنها منها كانت تشرب، إذا وردت تضع رأسها فيها، فما ترفعه حتى تشرب كل قطرة ماء في الوادي، ثم ترفع رأسها فتفسح يعني تفحج لهم، فيحتلبون ما شاءوا من لبن، فيشربون ويدخرون حتى يملئوا كل آنيتهم، ثم تصدر من غير الفج الذي منه وردت، لا تقدر على أن تصدر من حيث ترد لضيقه عنها، فلا ترجع منه حتى إذا كان الغد كان يومهم، فيشربون ما شاءوا من الماء، ويدخرون ما شاءوا ليوم الناقة، فهم من ذلك في سعة. وكانت الناقة فيما يذكرون تصيف إذا كان الحر بظهر الوادي، فتهرب منها المواشي أغنامهم وأبقارهم وإبلهم، فتهبط إلى بطن الوادي في حره وجدبه وذلك أن المواشي تنفر منها إذا رأتها، وتشتو في بطن الوادي إذا كان الشتاء، فتهرب مواشيهم إلى ظهر الوادي في البرد والجدب، فأضر ذلك بمواشيهم للبلاء والاختبار. وكانت مراتعها فيما يزعمون الجناب وحسمى، كل ذلك ترعى مع وادي الحجر. فكبر ذلك عليهم، فعتوا عن أمر ربهم، وأجمعوا في عقر الناقة رأيهم. وكانت امرأة من ثمود يقال لها عنيزة بنت غنم بن مجلز، تكنى بأم غنم، وهي من بني عبيد بن المهل أخي دميل بن المهل، وكانت امرأة ذؤاب بن عمرو، وكانت عجوزا مسنة، وكانت ذات بنات حسان، وكانت ذات مال من إبل وبقر وغنم، وامرأة أخرى يقال لها صدوف بنت المحيا بن زهير بن المحيا سيد بني عبيد وصاحب أوثانهم في الزمن الأول. وكان الوادي يقال له وادي المحيا، وهو المحيا الأكبر جد المحيا الأصغر أبي صدوف. وكانت صدوف من أحسن الناس، وكانت غنية ذات مال من إبل وغنم وبقر، وكانتا من أشد امرأتين في ثمود عداوة لصالح وأعظمهم به كفرا، وكانتا تحبان أن تعقر الناقة مع كفرهما به لما أضرت به من مواشيهما. وكانت صدوف عند ابن خال لها يقال له صنتم بن هراوة بن سعد بن الغطريف من بني هليل، فأسلم فحسن إسلامه، وكانت
(٢٩٥)