ذلك، وخرج صالح معهم إلى الله، فدعوا أوثانهم وسألوها أن لا يستجاب لصالح في شئ مما يدعو به، ثم قال له جندع بن عمرو بن حراش بن عمرو بن الدميل، وكان يومئذ سيد ثمود وعظيمهم: يا صالح أخرج لنا من هذه الصخرة لصخرة منفردة في ناحية الحجر يقال لها الكاثبة ناقة مخترجة جوفاء وبراء والمخترجة: ما شاكلت البخت من الإبل.
وقالت ثمود لصالح مثل ما قال جندع بن عمرو فإن فعلت آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو حق وأخذ عليهم صالح مواثيقهم: لئن فعلت وفعل الله لتصدقني ولتؤمنن بي؟ قالوا: نعم، فأعطوه على ذلك عهودهم، فدعا صالح ربه بأن يخرجها لهم من تلك الهضبة كما وصفت.
11501 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس، أنه حدث: أنهم نظروا إلى الهضبة حين دعا الله صالح بما دعا به تتمخض بالناقة تمخض النتوج بولدها، فتحركت الهضبة ثم أسقطت الناقة، فانصدعت عن ناقة كما وصفوا جوفاء وبراء نتوج، ما بين جنبيها لا يعلمه إلا الله عظما.
فآمن به جندع بن عمرو ومن كان معه على أمره من رهطه، وأراد أشراف ثمود أن يؤمنوا به ويصدقوا، فنهاهم ذؤاب بن عمرو بن لبيد والحباب صاحب أوثانهم ورباب بن صمعر بن جلهس، وكانوا من أشراف ثمود، وردوا أشرافها عن الاسلام، والدخول فيما دعاهم إليه صالح من الرحمة والنجاة. وكان لجندع ابن عم يقال له شهاب بن خليفة بن مخلاة بن لبيد بن جواس، فأراد أن يسلم فنهاه أولئك الرهط عن ذلك، فأطاعهم، وكان من أشراف ثمود وأفاضلها، فقال رجل من ثمود يقال له مهوس بن عنمة بن الدميل، وكان مسلما:
وكانت عصبة من آل عمرو * إلى دين النبي دعوا شهابا عزيز ثمود كلهم جميعا * فهم بأن يجيب ولو أجابا لأصبح صالح فينا عزيزا * وما عدلوا بصاحبهم ذؤابا ولكن الغواة من آل حجر * تولوا بعد رشدهم ذئابا فمكثت الناقة التي أخرجها الله لهم معها سقبها في أرض ثمود ترعى الشجر وتشرب