وقال آخرون: كان الذين جادلوا رسول الله (ص) في ذلك قوما من اليهود. ذكر من قال ذلك:
10761 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى وسفيان بن وكيع، قالا: ثنا عمران بن عيينة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال ابن عبد الأعلى:
خاصمت اليهود النبي (ص) وقال ابن وكيع: جاءت اليهود إلى النبي (ص) فقالوا: نأكل ما قتلنا، ولا نأكل ما قتل الله فأنزل الله: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، أن يقال: إن الله أخبر أن الشياطين يوحون إلى أوليائهم ليجادلوا المؤمنين في تحريمهم أكل الميتة بما ذكرنا من جدالهم إياهم. وجائز أن يكون الموحون كانوا شياطين الانس يوحون إلى أوليائهم منهم، وجائز أن يكونوا شياطين الجن أوحوا إلى أوليائهم من الانس، وجائز أن يكون الجنسان كلاهما تعاونا على ذلك، كما أخبر الله عنهما في الآية الأخرى التي يقول فيها: وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن، يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا، بل ذلك الأغلب من تأويله عندي، لان الله أخبر نبيه أنه جعل له أعداء من شياطين الجن والإنس، كما جعل لأنبيائه من قبله يوحي بعضهم إلى بعض المزين من الأقوال الباطلة، ثم أعلمه أن أولئك الشياطين يوحون إلى أوليائهم من الانس ليجادلوه ومن تبعه من المؤمنين فيما حرم الله من الميتة عليهم.
واختلف أهل التأويل في الذي عنى الله جل ثناؤه بنهيه عن أكله مما لم يذكر اسم الله عليه، فقال بعضهم: هو ذبائح كانت العرب تذبحها لآلهتها. ذكر من قال ذلك:
10762 - حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار، قالا: ثنا أبو عاصم، قال:
أخبرنا ابن جريج، قال: قلت لعطاء: ما قوله: فكلوا مما ذكر اسم الله عليه؟ قال: يأمر بذكر اسمه على الشراب والطعام والذبح. قلت لعطاء: فما قوله: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه؟ قال: ينهى عن ذبائح كانت في الجاهلية على الأوثان كانت تذبحها العرب وقريش.
وقال آخرون: هي الميتة. ذكر من قال ذلك:
10763 - حدثنا ابن حميد وابن وكيع، قالا: ثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه قال: الميتة.