وقال في ج 4 ص 30:
(عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال قلت لعلي رضي الله عنه هل عندكم شئ من الوحي إلا ما في كتاب الله؟ قال لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أعلمه إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن وما في هذه الصحيفة. قلت وما في الصحيفة؟ قال العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر!).
وكرر البخاري ذلك بصيغ متضاربة عن مضمون هذه الصحيفة في ج 4 ص 67 و ص 69 و ج 8 ص 10 و ص 45 و ص 47 و ص 144. ثم قلدته أكثر المصادر كما في مسلم ج 4 ص 115 و ص 217 و ج 6 ص 85 وابن ماجة ج 2 ص 168 وأبو داود ج 1 ص 168 و ج 2 ص 177 والنسائي ج 8 ص 23 ولكن يبقى الإمام أحمد صاحب الرقم القياسي حيث رواها في المجلد الأول من مسنده وحده عشر مرات في الصفحات 97 و 81 و 100 و 102 و 110 و 118 و 119 و 126 و 151 و 152!!
لكن هل نفعت هذه الروايات وأمثالها في إقناع المسلمين بأن نبيهم كان بدعا من الرسل والأنبياء الذين أمروا أممهم بالوصية وأوصوا جميعا! كل واحد إلى وصيه وأهل بيته!
إلا خاتم النبيين فإنه بلغ المسلمين وجوب الوصية على كل مسلم، وأخبره ربه بوفاته قبل عام، وحج بالمسلمين حجة الوداع.. ثم مات ولم يكتب شيئا، ولم يوص بشئ!
قال البخاري في صحيحه ج 3 ص 186:
(حدثنا طلحة بن مصرف قال سألت عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما، هل كان النبي صلى الله عليه وسلم أوصى؟ فقال: لا. فقلت: كيف كتب على الناس الوصية أو أمروا بالوصية؟! قال أوصى بكتاب الله!!) ورواه في ج 5 ص 144 و ج 6 ص 107 وتبعه الباقون فرووه عشرات المرات!!
الظاهر أن إخواننا السنة اقتنعوا بأن نبينا صلى الله عليه وآله الذي هو أعظم الأنبياء وخاتمهم، كان أكثر الأنبياء سذاجة، فترك أمته سياسيا بدون راع.. وتركها فكريا من أفقر الأمم فلم يكتب لها شيئا من توجيهاته! ولا شبيها بالوصايا العشر التي كتبها نبي الله موسى لليهود، أو عيسى للحواريين؟! وحتى كتاب الله خاتم الكتب الذي أوصاهم به، تركه موزعا مهددا بالضياع حتى.. جمعه الصحابة بعد جهود مضنية!!
والظاهر أنهم اقتنعوا بأن الله تعالى الذي اختار آل نوح وآل عمران وآل إبراهيم وورثهم علوم الأنبياء، وجعل أممهم بعد أنبيائها غنية بهم.. لم يختر آل محمد، بل