ومن الذي عرض على النبي صلى الله عليه وآله نسخته قبيل وفاته غير علي عليه السلام؟! بل لم يدع ذلك أحد من المسلمين غيره! وكفى بذلك دليلا شرعيا!
وقد تقدم في تعداد أعضاء لجنة التدوين قول ابن سيرين (كانوا إذا اختلفوا في الشئ أخروه حتى ينظروا آخرهم عهدا بالعرضة الأخيرة فكتبوه على قوله) فهذا الكلام ولو كان ظنا من ابن سيرين، لكنه يدل على أن المسلمين بمن فيهم اللجنة كانوا يعرفون قيمة النص ممن سمع العرضة الأخيرة من النبي صلى الله عليه وآله.. ومن يكون ذلك غير علي عليه السلام!
ثم إن من المعروف أن مصحفنا الفعلي الذي جمعه الخليفة عثمان، بقراءة عاصم، التي هي قراءة علي عليه السلام! قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ج 2 ص 426:
(... حفص، عن عاصم، عن أبي عبد الرحمن قال: لم أخالف عليا في شئ من قراءته، وكنت أجمع حروف علي، فألقى بها زيدا في المواسم بالمدينة فما اختلفنا إلا في التابوت كان زيد يقرأ بالهاء وعلي بالتاء) انتهى، وهذه الرواية تكشف أن الذي صحح التابوت وجعله بالتاء هو علي عليه السلام! وأن زيدا بقي يقرؤها بالهاء إلى آخر عمره!
* * يبقى الاحتمال الرابع، وهو أن يكون سعيد بن العاص أملى النص الذي وثق به أكثر من بين مجموع ما جمعوه، وهو احتمال وجيه لكن لعمل اللجنة في المرحلة الأولى للجمع والتدوين حيث جمعوا من الناس مصاحف متعددة، وصحفا فيها أجزاء من القرآن أو سور، وتناقشوا في بعضها.. ولكن سعيد بن العاص عندما يرى نسخة غضة كتبت بإملاء النبي صلى الله عليه وآله كما وصفها الخليفة عثمان بأنها (القرآن الذي كتب عن فم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أوحاه الله إلى جبريل، وأوحاه جبريل إلى محمد وأنزله عليه، فإذا القرآن غض) فهل يعقل أن يفضل سعيد عليها أي نسخة أو رواية أخرى؟!!
* *