جاء أبو الحسن؟ فلما توسطهم وضع الكتاب بينهم، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إني مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وهذا الكتاب وأنا العترة، فقام إليه الثاني فقال له: إن يكن عندك قرآن فعندنا مثله، فلا حاجة لنا فيكما! فحمل عليه السلام الكتاب وعاد به بعد أن ألزمهم الحجة... الخ.
... ومنهم العلماء بالقراءات: أحمد بن حنبل وابن بطة وأبو يعلى في مصنفاتهم عن الأعمش عن أبي بكر بن أبي عياش في خبر طويل أنه قرأ رجلان ثلاثين آية من الأحقاف فاختلفا في قراءتهما، فقال ابن مسعود: هذا خلاف ما أقرؤه، فذهبت بهما إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فغضب وعلي عنده فقال علي: رسول الله صلى الله عليه وآله يأمركم أن تقرؤوا كما علمتم، وهذا دليل على علم علي بوجوه القراءات المختلفة.
وروي أن زيدا لما قرأ (التابوه) قال علي عليه السلام اكتبه (التابوت) فكتبه كذلك.
والقراء السبعة إلى قراءته يرجعون، فأما حمزة والكسائي فيعولان على قراءة علي عليه السلام وابن مسعود، وليس مصحفهما مصحف ابن مسعود، فهما إنما يرجعان إلى علي ويوافقان ابن مسعود فيما يجري مجرى الأعراب، وقد قال ابن مسعود: ما رأيت أحدا أقرأ من علي بن أبي طالب للقرآن.
فأما نافع وابن كثير وأبو عمرو فمعظم قراءتهم ترجع إلى ابن عباس، وابن عباس قرأ على أبي بن كعب وعلي عليه السلام، والذي قرأه هؤلاء القراء يخالف قراءة أبي، فهو إذا مأخوذ عن علي عليه السلام.
وأما عاصم فقرأ على أبي عبد الرحمن السلمي، وقال أبو عبد الرحمن: قرأت القرآن كله على علي بن أبي طالب عليه السلام، فقالوا أفصح القراءات قراءة عاصم، لأنه أتى بالأصل، وذلك أنه يظهر ما أدغمه غيره، ويحقق من الهمز ما لينه غيره، ويفتح من الألفات ما أماله غيره.