بالدرة خفقا، فقال: يا أمير المؤمنين أنظر ما تصنع، قال: فإني على عمد أصنع، أما تعلم أن هذا الذي تصنع فتنة للمتبوع مذلة للتابع!!) ويمكن أن نضيف إلى السببين المصرح بهما سببين آخرين قد يكونا أعظم منهما في رأي عمر وهما: وقوف أبي في مواجهة عمر في جملة من مسائل القرآن، خاصة عندما حاول تحريف آية الأنصار.. وأن عمر ما زال يضطغن على أبي بن كعب أنه كان مع سعد بن عبادة وكثير من الأنصار معارضين لفرضه بيعة أبي بكر.. فقد كان أبي بن كعب مع الذين اعتصموا في بيت فاطمة وهاجمهم عمر وأشعل الحطب في باب البيت وهددهم بإحراقه على من فيه!! فبقيت في نفس عمر حتى وجد لها مناسبة!
قال ابن واضح اليعقوبي في تاريخه ج 2 ص 124:
(وتخلف عن بيعة أبي بكر قوم من المهاجرين والأنصار، ومالوا مع علي بن أبي طالب، منهم: العباس بن عبد المطلب والفضل بن العباس والزبير بن العوام بن العاص، وخالد بن سعيد، والمقداد بن عمرو، وسلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري، وعمار بن ياسر، والبراء بن عازب، وأبي بن كعب، فأرسل أبو بكر إلى عمر بن الخطاب وأبي عبيدة بن الجراح والمغيرة بن شعبة، فقال: ما الرأي؟ قالوا: الرأي أن تلقى العباس بن عبد المطلب، فتجعل له في هذا الأمر نصيبا يكون له ولعقبه من بعده، فتقطعون به ناحية علي بن أبي طالب حجة لكم على علي، إذا مال معكم، فانطلق أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح والمغيرة حتى دخلوا على العباس ليلا...
واجتمع جماعة إلى علي بن أبي طالب يدعونه إلى البيعة له، فقال لهم: أغدوا علي غدا محلقين الرؤوس. فلم يغد عليه إلا ثلاثة نفر. وبلغ أبا بكر وعمر أن جماعة من المهاجرين والأنصار قد اجتمعوا مع علي بن أبي طالب في منزل فاطمة بنت رسول الله، فأتوا في جماعة حتى هجموا الدار...) انتهى.
على أي حال، فإن من يقرأ ما روته الصحاح عن علم أبي بن كعب بالقرآن وحفظه له، ثم يقرأ ما فعله الخليفة عمر معه.. يجد نفسه ملزما بالحكم على الخليفة بأنه لم ينفذ وصية النبي صلى الله عليه وآله في حق أبي، بل عمل بعكسها تماما!!