قال عمر ابن شبة في تاريخ المدينة ج 3 ص 1010:
(... عن عبد الرحمن بن عبد الله - يعني أبي بن كعب بن عجرة - عن أبيه، عن جده قال: كنت عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقرأ رجل من سورة يوسف (عتا حين) فقال عمر رضي الله عنه: من أقرأك هكذا؟ قال: ابن مسعود، فكتب عمر رضي الله عنه إلى ابن مسعود: أما بعد، فإن الله أنزل هذا القرآن بلسان قريش، وجعله بلسان عربي مبين، فأقرئ الناس بلغة قريش، ولا تقرئهم بلغة هذيل والسلام!).
وقال السيوطي في الدر المنثور ج 4 ص 18:
(وأخرج ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء والخطيب في تاريخه عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك رضي الله عنه عن أبيه قال سمع عمر رضي الله عنه رجلا يقرأ هذا الحرف ليسجننه عتى حين فقال له عمر رضي الله عنه من أقرأك هذا الحرف؟ قال ابن مسعود رضي الله عنه، فقال عمر رضي الله عنه ليسجننه حتى حين، ثم كتب إلى ابن مسعود رضي الله عنه سلام عليك أما بعد فإن الله أنزل القرآن فجعله قرآنا عربيا مبينا وأنزله بلغة هذا الحي من قريش، فإذا أتاك كتابي هذا فأقرئ الناس بلغة قريش ولا تقرئهم بلغة هذيل!!). ورواه في كنز العمال ج 2 ص 593 وهذا الموقف غريب من الخليفة، فهو الذي روى شهادة النبي صلى الله عليه وآله بأن ابن مسعود يقرؤه غضا طريا كما أنزله الله تعالى.. وروى أن النبي حث المسلمين على القراءة بقراءة ابن أم عبد.. وهو الذي توسع في قراءات القرآن إلى سبعة أحرف وأكثر.. وهو الذي توسع في نص القرآن حتى جوز قراءته بالمعنى كما قدمنا.. ومع كل ذلك ضاق صدره عن قراءة ابن مسعود لآية واحدة!!
الواقع أن المسألة ليست قراءة آية، خاصة أن عمر لم يذكر الآية.. بل هي أن الخليفة عمر يريد حصر مصدر القرآن وقراءاته به.. فليس من حق أحد أن يقرأ إلا كما يقرأ عمر، حتى لو كان قارئه شهد له النبي بأن قراءته صحيحة دقيقة كما نزل بها جبرئيل عليه السلام!!