ثم قال في صفحة 117:
وأما القول بأن مثل هذه الروايات توجد عند السنة فليس إلا كذبا وافتراء، فالحق أنه لا يوجد في كتب أهل السنة المعتمد عليها رواية واحدة صحيحة تدل على أن القرآن الذي تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاته نقص منه أو زيد عليه، بل صرح أهل العلم من المسلمين بأن من يعتقد مثل هذا فقد خرج عن الملة الحنيفية البيضاء، كما أنهم نصوا على أن الشيعة هم القائلون هذا القول الخبيث.
فهذا الإمام ابن حزم الظاهري يقول في كتابه العظيم (الفصل في الملل والنحل) ما نصه (ومن قول الإمامية كلها قديما وحديثا أن القرآن مبدل زيد فيه ما ليس منه ونقص منه كثير وبدل منه كثير.
وقال أيضا ردا على قول الشيعة إن القرآن محرف ومغير فيه: وأعلموا أنه لو رام اليوم أحد أن يزيد في شعر النابغة أو شعر زهير كلمة أو ينقص أخرى ما قدر لأنه كان يفتضح في الوقت، وتخالفه النسخ المثبتة، فكيف القرآن في المصاحف وهي من آخر الأندلس، وبلاد البربر، وبلاد السودان إلى آخر السند، وكابل، وخراسان، والترك، والصقالبة، وبلاد الهند فما بين ذلك - فظهر حمق الرافضة.
وقال الأصولي الشافعي المعروف: الأول في الكتاب، أي القرآن وهو ما نقل إلينا بين دفتي المصاحف تواترا.
وقال الأصولي الحنفي: أما الكتاب فالقرآن المنزل على الرسول عليه السلام، المكتوب في المصاحف، المنقول عنه نقلا متواترا بلا شبهة.
وقال الآمدي: وأما حقيقة الكتاب هو ما نقل إلينا بين دفتي المصاحف نقلا متواترا.
وقال السيوطي بعد ما ذكر الأقوال بأن القرآن جمعه وترتيبه ليس إلا توقيفيا، قال : قال القاضي أبو بكر في الإنتصار: الذي نذهب إليه أن جميع القرآن أنزله الله وأمر بإثبات رسمه، ولم ينسخه ولا رفع تلاوته بعد نزوله، هو هذا الذي بين الدفتين، الذي حواه مصحف عثمان، وإنه لم ينقص منه شئ ولا زيد فيه.