الفرد ولا وسيلة للتكامل، ولا يوجب الثواب كما هو الحال في خلق النحل خلقا يدفعها بحكم الغريزة إلى أن تجمع الرحيق من الأزهار... وخلق بعوضة الملاريا خلقا يجعلها تستقر في المستنقعات، ولا يمكن لأي منهما أن تتخلى عن طريقتها.
إلا أن قيمة الإنسان وامتيازه وأهم ما يتفاوت فيه عن سائر الموجودات هي هذه الموهبة، وهي حرية الإرادة والاختيار، وكذلك امتلاك الأذواق والأطباع والأفكار المتفاوتة التي يصنع كل واحد منها قسما من المجتمع ويؤمن بعدا من أبعاده.
ومن طرف آخر فإن الاختلاف في انتخاب العقيدة والمذهب أمر طبيعي مترتب على حرية الإرادة ويكون سببا لأن تقبل جماعة طريق الحق وتتبع جماعة أخرى الباطل، إلا أن يتربى الناس تربية سليمة في أحضان الرحمة الإلهية ويتعلموا المعارف الحقة بالاستفادة من مواهب الله تعالى لهم... ففي هذه الحال، ومع جميع ما لديهم من اختلافات، ومع الاحتفاظ بالحرية والاختيار، فإنهم سيخطون خطوات في طريق الحق وإن كانوا يتفاوتون في هذا المسير.
ولهذا يقول القرآن الكريم في الآية الأخرى: إلا من رحم ربك ولكن هذه الرحمة الإلهية ليست خاصة بجماعة معينة، فالجميع يستطيعون " شريطة رغبتهم " أن يستفيدوا منها (ولذلك خلقهم).
الاشخاص الذين يريدون أن يستظلوا برحمة الله فإن الطريق مفتوح لهم...
الرحمة التي أفاضها الله لجميع عباده عن طريق تشخيص العقل وهداية الأنبياء.
ومتى ما استفادوا من هذه الرحمة والموهبة، فإن أبواب الجنة والسعادة الدائمة تفتح بوجوههم، وإلا: فلا: وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين.
* * *