لكم إن كنتم مؤمنين (1).
وحيث نجد في قسم من التعبيرات إطلاق بقية الله على " المهدي الموعود " (عليه السلام) فهو إشارة إلى هذا الموضوع أيضا، لأنه وجود ذو فيض وذخيرة إلهية كبرى، وهو معد ليطوي بساط الظلم والفساد وليرفع لواء العدل في العالم كله.
ومن هنا نعرف الحق الكبير لهؤلاء الرجال الأجلاء الأفذاذ والمكافحين للفساد، والمصطلح عليهم ب أولوا بقية على المجتمعات البشرية لأنهم رمز لبقاء الأمم وحياتها ونجاتها من الهلاك.
المسألة الأخرى التي تستجلب النظر في الآية المتقدمة أنها تقول: وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون.
وبملاحظة التفاوت بين كلمتي " مصلح " و " صالح " تتجلى هذه المسألة الدقيقة، وهي أن الصلاح وحده لا يضمن البقاء، بل إذا كان المجتمع فاسدا ولكن أفراده يسيرون باتجاه اصلاح الأمور فالمجتمع يكون له حق البقاء والحياة أيضا.
فلو انعدم الصالح والمصلح في المجتمع فإن من سنة الخلق أن يحرم ذلك المجتمع حق الحياة ويهلك عاجلا.
وبتعبير آخر: متى كان المجتمع ظالما ولكنه مقبل على اصلاح نفسه، فهذا المجتمع يبقى، ولكن إذا كان المجتمع ظالما ولم يقبل على نفسه فيصلحها أو يطهرها فإن مصيره إلى الفناء والهلاك.
المسألة الدقيقة الأخرى: إن واحدا من أسس الظلم والإجرام - كما تشير إليه الآيات المتقدمة - هو اتباع الهوى وعبادة اللذة وحب الدنيا، وقد عبر القرآن عن كل ذلك ب " الترف ".
فهذا التنعم والتلذذ غير المقيد وغير المشروط أساس الانحرافات في