العمل ونتيجته؟
ومن مجموع ما بيناه نستنتج ما يلي:
حين يكون الجزاء والثواب نتيجة وأثرا لعمل المرء نفسه، فإن مسألة المساواة من حيث الكمية والكيفية لا تؤخذ بنظر الاعتبار. فما أكثر ما يكون العمل صغيرا في الظاهر، ولكنه يحول حياة الانسان إلى جحيم وعذاب وألم طيلة العمر، وكذلك ما أكثر ما يكون العمل صغيرا في الظاهر، ولكنه يكون سببا للخيرات والبركات طيلة عمر الإنسان!
ينبغي أن لا يتوهم أن المقصود من صغر العمل (من حيث مقدار الزمان) لأن الأعمال والذنوب الداعية إلى خلود الإنسان في العذاب ليست صغيرة من حيث الأهمية والكيفية.
فعلى هذا حين يحيط الذنب والكفر والطغيان والعناد بوجود الإنسان ويحرق جميع أجنحته وريشه وروحه في نار ظلمه ونفاقه، فأي مكان للعجب أن يحرم في الدار الآخرة من التحليق في سماء الجنة وأن يكون مبتلى هناك بالعذاب والبلاء.
ترى أما حذروه وأبلغوه وأنذروه من هذا الخطر الكبير؟!
أجل فأنبياء الله من جهة، وما يأمره العقل من جهة أخرى... جميعا حذروه بما يلزم، فهل كان ما أقدم عليه من دون اختياره فلقي هذا المصير، أم كان عن علم وعمد واختيار؟ الحقيقة هو أنه كان عالما عامدا.
وكانت نفسه ونتيجة أعماله المباشرة قد ساقته إلى هذا المصير؟! بل إن كل ما حدث له فهو من آثار أعماله!
فلهذا لم يبق مجال للشكوى، ولا إيراد أو إشكال مع أحد، ولا منافاة مع قانون عدالة الله سبحانه.