وكلمة " قائم " تشير إلى المدن والعمارات التي لا تزال باقية من الأقوام السابقين، كأرض مصر التي كانت مكان الفراعنة ولا تزال آثار أولئك الظالمين باقية بعد الغرق، فالحدائق والبساتين وكثير من العمارات المذهلة قائمة بعدهم.
وكلمة " حصيد " معناها اللغوي قطع النباتات بالمنجل، وفي هذه الكلمة إشارة إلى بعض الأراضي البائرة، كأرض قوم نوح وأرض قوم لوط، حيث أن واحدة منهما دمرها الغرق والثانية أمطرت بالحجارة.
وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم حيث ركنوا ولجأوا إلى الأصنام والآلهة " المزعومة " فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله لما جاء أمر ربك بل زادوهم ضررا وخسرانا وما زادوهم غير تتبيب (1).
وكذلك أخذ ربك إذ أخذ القرى وهي ظالمة فلا يدعها على حالها و إن أخذه أليم شديد.
هذا قانون إلهي عام ومنهج دائم، فما من قوم أو أمة من الناس يتجاوزون حدود الله ويمدون أيديهم للظلم ولا يكترثون لنصائح أنبيائهم ومواعظهم، إلا أخذهم الله أخذا شديدا واعتصرتهم قبضة العذاب.
هذه الحقيقة تؤكد أن المنهاج السابق منهاج عمومي وسنة دائمة، وتستفاد من آيات القرآن بصورة جيدة، وهي في الواقع إنذار لأهل العالم جميعا: أن لا تظنوا أنكم مستثنون من هذا القانون، أو أن هذا الحكم مخصوص بالأقوام السابقين.
والطبع فإن الظلم بمعناه الواسع يشمل جميع الذنوب، ووصفت القرية أو المدينة بأنها " ظالمة " مع أن الوصف ينبغي أن يكون لساكنيها، فكأنما هناك مسألة دقيقة وهي أن أهل هذه المدينة انغمسوا في الظلم إلى درجة حتى كأن المدينة لها أصبحت مغموسة في الظلم أيضا.