هو فرعون الجبار.
وأساسا فإن الاصلاح ينبغي أن يبدأ من الأصل والمنبع، وطالما هناك حكومات فاسدة فلن يبصر أي مجتمع وجه السعادة، وعلى القادة الإلهيين في مثل هذه المجتمعات أن يدمروا مراكز الفساد قبل كل شئ.
ولكن ينبغي الالتفات إلى أننا نقرأ في هذا القسم من قصة موسى زاوية صغيرة فحسب ولكنها في الوقت ذاته تحمل رسالة كبيرة للناس جميعا.
يقول القرآن الكريم أولا: ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين.
" السلطان " بمعنى التسلط، يستعمل تارة في السلطة الظاهرية، وأحيانا في السلطة المنطقية، السلطة التي تحاصر المخالف في طريق مسدود بحيث لا يجد طريقا للفرار.
ويبدو في الآية المتقدمة أن " السلطان " استعمل في المعنى الثاني، والمراد ب " الآيات " هي معاجز موسى الجليلة، وللمفسرين احتمالات أخرى في هاتين الكلمتين.
وعلى كل حال فإن موسى أرسل بتلك المعجزات القاصمة وذلك المنطق القوي إلى فرعون وملئه.
وكما قلنا مرارا فإن كلمة " الملأ " تطلق على الذين يملأ مظهرهم العيون بالرغم من خلو المحتوى الداخلي، وفي منطق القرآن تطلق هذه الكلمة غالبا على الوجوه والأشراف والأعيان الذين يحيطون بالمستكبرين وبالقوى الظالمة .. إلا أن جماعة فرعون الذين وجدوا منافعهم مهددة بالخطر بسبب دعوة موسى، فإنهم لم يكونوا مستعدين للاستجابة.. لمنطقه الحق ومعجزاته فاتبعوا أمر فرعون. ولكن فرعون ليس من شأنه هداية الناس إلى الحياة السعيدة أو ضمان نجاتهم وتكاملهم: وما أمر فرعون برشيد.
إن هذا نجاح فرعون هذا لم يحصل بسهولة، فقد استفاد من كل أنواع السحر