أعمالهم ولا مخلف لوعده، بل سينتقم منهم في اليوم المعلوم. والانتقام لا يراد به ما كان مصحوبا بالحقد والثأر كما يستخدم عادة في أعمال البشر، بل هو الجزاء والعقاب وإقامة العدالة بحق الظالمين، بل إنها نتيجة عمل الإنسان نفسه، ولا حاجة إلى القول بأن الله تعالى لو لم ينتقم من الظالمين لكان ذلك خلافا لعدله وحكمته.
ثم يضيف تعالى يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وسوف يتجدد كل شئ بعد الدمار، ويبعث الإنسان في خلق جديد وعالم جديد يختلف في كل شئ عن هذا العالم، في سعته، في نعيمه وعقابه وسيظهر الإنسان بكل وجوده لله تعالى: وبرزوا لله الواحد القهار.
و " البروز " من مادة " البراز " على وزن " فراز " بمعنى الفضاء والمحل الواسع، وغالبا ما تأتي بمعنى الظهور، لأن وجود الشئ في الفضاء الواسع بمعنى ظهوره، وهناك آراء مختلفة للمفسرين في معنى بروز الناس لله تعالى، الكثير يرى أنها تعني الخروج من القبر.
ويحتمل أن يكون المعنى انكشاف بواطن وظواهر جميع الناس في يوم المحشر، كما نقرأ في الآية (16) من سورة غافر يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شئ وكذلك الآية (9) من سورة الطارق يوم تبلى السرائر وعلى أي حال فوصفه بالقهار دليل على تسلطه على كل الأشياء وسيطرته على ظاهرها وباطنها.
وهنا يأتي هذا السؤال، وهو: هل أن شيئا خفي على الله في هذه الدنيا لكي يظهر في الآخرة؟ أم أن الله لا يعلم بما في القبور ولا يعلم بأسرار الناس؟
ويتضح الجواب من الالتفات إلى هذه النقطة، وهي أن لنا ظاهرا وباطنا في هذه الدنيا، وقد يشتبه على البعض - بسبب علمنا المحدود - أن الله لا يرى باطننا، ولكن سوف يظهر كل شئ في الآخرة ولا وجود للظاهر والباطن هناك، وبعبارة