وتحفظها عن الفساد، وقد أجبر أبناء الشعب على أن يبيعوا للدولة الفائض عن حاجتهم من الإنتاج الزراعي، وهكذا امتلأت المخازن بالمنتوجات الزراعية والاستهلاكية ومرت سبع سنوات من الرخاء والوفرة، وبدأ القحط والجفاف يظهر وجهه الكريه، ومنعت السماء قطرها، فلم تينع ثمرة، ولم تحمل نخلة.
وهكذا أصاب عامة الشعب الضيق وقلت منتوجاتهم الزراعية، لكنهم كانوا على علم بخزائن الدولة وامتلائها بالمواد الغذائية، وساعدهم يوسف حيث استطاع - بخطة محكمة ومنظمة مع الأخذ بعين الاعتبار الحاجات المتزايدة، في السنين القادمة - أن يرفع الضيق عن الشعب بأن باع لهم المنتوجات الزراعية مراعيا في ذلك العدالة بينهم.
وهذا القحط والجفاف لم يكن مقتصرا على مصر وحدها، بل شمل البلدان المحيطة بها أيضا، ومنهم شعب فلسطين وأرض كنعان المتاخمة لمصر والواقعة على حدودها في الشمال الشرقي، وكانت عائلة يوسف تسكن هناك وقد تأثرت بالجفاف. واشتد بهم الضيق، بحيث اضطر يعقوب أن يرسل جميع أولاده - ما عدا بنيامين الذي أبقاه عنده بعد غياب يوسف - إلى مصر، حيث سافروا مع قافلة كانت تسير إلى مصر ووصلوا إليها - كما قيل - بعد 18 يوما.
وتذكر المصادر التاريخية أن الأجانب عند دخولهم إلى الأراضي المصرية كانوا ملزمين بتسجيل أسمائهم في قوائم معينة لكي تعرض على يوسف، ومن هنا فحينما عرض الموظفون تقريرا على يوسف عن القافلة الفلسطينية وطلبهم للحصول على المؤن والحبوب رأى يوسف أسماء اخوته بينهم وعرفهم وأمر بإحضارهم إليه، دون أن يتعرف أحد على حقيقتهم وأنهم اخوته..
يقول القرآن الكريم: وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون وكان طبيعيا أن لا يتعرف إخوة يوسف عليه لأنه في جانب كان قد مضى على فراقهم إياه منذ أن أودعوه الجب وخرج منه ودخل إلى مصر ما يقرب