الخسائر الناتجة عن الخيانة!
فهذه التعليمات الإسلامية صريحة في أهمية جانب الإدارة والقدرة عليها، ومع ذلك نرى تهاون بعض المسلمين بهذا الجانب، فالمهم لديهم هو نصب الأشخاص الذين يطمئنون إلى تقواهم وأمانتهم لإدارة الأمور، مع أن السيرة النبوية الشريفة (صلى الله عليه وآله وسلم) وكذلك سيرة علي (عليه السلام) ترشدان إلى أنهما كانا يهتمان اهتماما كبيرا بالجانب الإداري والقدرة على الإدارة مع اهتمامهم بأمانة الشخص وسلوكه الحسن.
3 3 - الرقابة على الاستهلاك الملاحظ في القضايا الاقتصادية أنه قد لا تكون (زيادة الإنتاج) بمكان من الأهمية بقدر أهمية (الرقابة على الاستهلاك) ومن هنا نشاهد أن يوسف في أيام حكومته، حاول - بشدة - أن يسيطر على الاستهلاك الداخلي في سنوات الوفرة لكي يتمكن من الاحتفاظ بجزء كبير من المنتوجات الزراعية لسنوات القحط والمجاعة القادمة، وفي الحقيقة أن زيادة الإنتاج والرقابة متلازمان لا يفترقان، فالزيادة في الإنتاج لا تثمر إلا إذا أعقبتها رقابة صحيحة، كما أن الرقابة تكون أكثر فائدة إذا أعقبتها زيادة في الإنتاج.
إن السياسة الاقتصادية التي انتهجها يوسف (عليه السلام) في مصر أظهرت أن الخطة الاقتصادية الصحيحة والمتطورة مع الزمن لا يمكن أن تقتصر على متطلبات الجيل الحاضر، بل لابد وأن تراعي مصالح الأجيال القادمة، لأن التفكير بالمصالح المستعجلة للجيل الحاضر والتغاضي عن مصالح الأجيال القادمة - كما لو استهلكنا جميع ثروات الأرض - تعتبر غاية الأنانية وحب الذات، إذ أن الأجيال القادمة هم في الواقع اخوتنا وأبناؤنا فلابد من التفكير في مصالحهم وعدم التفريط بها.