2 التفسير 3 رؤيا ملك مصر وما جرى له:
بقي يوسف سنين في السجن المظلم كأي إنسان منسي، ولم يكن لديه من عمل إلا بناء شخصيته، وإرشاد السجناء وعيادة مرضاهم وتسلية الموجعين منهم.
حتى غيرت (حظه وطالعه) حادثة صغيرة بحسب الظاهر.. ولم تغير هذه " الظاهرة " حظه فحسب، بل حظ أمة مصر وما حولها.
لقد رأى ملك مصر الذي يقال أن اسمه هو " الوليد بن الريان " وكان " عزيز مصر وزيره " رأى هذا الملك رؤيا مهولة، فأحضر عند الصباح المعبرين للرؤيا ومن حوله فقص عليهم رؤياه وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر واخر يابسات ثم التفت إليهم طالبا منهم تعبير رؤياه فقال: يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون.
ولكن حاشية السلطان وجموا إزاء هذه الرؤيا و قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين.
" الأضغاث " جمع " ضغث " على وزن (حرص) ومعناه المجموعة من الحطب أو العشب اليابس أو الأخضر أو شئ آخر، و " الأحلام " جمع " حلم " على وزن " رخم " معناه الطيف والرؤيا، فيكون معنى أضغاث أحلام هو الأطياف المختلطة، فكأنها متشكلة من مجموعة مختلفة ومتفاوتة من الأشياء، وجاءت كلمة الأحلام في جملة وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين مسبوقة بالألف واللام العهدية وهي إشارة إلى أن المعبرين غير قادرين على تأويل مثل هذه الأحلام.
ومن اللازم ذكر هذه المسألة الدقيقة وهي: إن إظهار عجز أولئك في الحقيقة كان من أجل أن المفهوم الواقعي لهذه الرؤيا عندهم غير واضح، ولذلك عدوها