وفي هذه الحال، حين رأى يوسف أن هذه الأمور تجري نحو الإثم، ولم ير طريقا لخلاصه منها، توجه يوسف إلى زليخا و قال معاذ الله وبهذا الكلام رفض يوسف طلب امرأة العزيز غير المشروع.. وأعلمها أنه لن يستسلم لإرادتها. وأفهمها ضمنا - كما أفهم كل إنسان - أنه في مثل هذه الظروف الصعبة لا سبيل إلى النجاة من وساوس الشيطان وإغراءاته إلا بالإلتجاء إلى الله.. الله الذي لا فرق عنده بين السر والعلن، بين الخلوة والاجتماع، فهو مطلع ومهيمن على كل شئ، ولا شئ إلا وهو طوع أمره وإرادته!
وبهذه الجملة إعترف يوسف بوحدانية الله تعالى من الناحية النظرية، وكذلك من الناحية العملية أيضا، ثم أضاف إنه ربي أحسن مثواي.. أليس التجاوز ظلما وخيانة واضحة إنه لا يفلح الظالمون.
3 المراد من كلمة " ربي " هناك أقوال كثيرة بين المفسرين في المراد من قوله: إنه ربي فأكثر المفسرين، كالعلامة الطبرسي في مجمع البيان وكاتب المنار في تفسير المنار وغيرهما، قالوا: إن كلمة " رب " هنا استعملت في معناها الواسع، وقالوا: إن المراد من كلمة " رب " هنا هو " عزيز مصر " الذي لم يأل جهدا في إكرام يوسف، وكان يوصي امرأته من البداية بالاهتمام به وقال لها: أكرمي مثواه.
ومن يظن أن هذه الكلمة لم تستعمل بهذا المعنى فهو مخطئ تماما، لأن كلمة " رب " في هذه السورة أطلقت عدة مرات على غير الله سبحانه. وأحيانا ورد هذا الاستعمال على لسان يوسف نفسه، وأحيانا على لسان غيره!
فمثلا في قصة تعبير الرؤيا للسجناء، طلب يوسف من الذي بشره بالنجاة أن يذكر حاله عند ملك مصر وقال للذي ظن أنه ناج منهما أذكرني عند ربك (الآية 42).