لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا (1) فلا ينبغي أن تنظري إليه كما ينظر إلى العبيد.
يستفاد من سياق الآية أن عزيز مصر لم يرزق ولدا وكان في غاية الشوق للولد، وحين وقعت عيناه على هذا الصبي الجميل والسعيد تعلق قلبه به ليكون مكان ولده.
ثم يضيف القرآن الكريم وكذلك مكنا ليوسف في الأرض.
هذا " التمكين " في الأرض إما أن يكون لمجيئ يوسف إلى مصر، وخاصة أن خطواته، في محيط مصر مقدمة لما سيكون عليه من الاقتدار والمكانة القصوى، وإما أنه لا قياس، بين هذه الحياة في مصر " العزيز " وبين تلك الحياة في غيابة الجب والوحدة والوحشة. فأين تلك الشدة من هذه النعمة والرفاه!
ويضيف القرآن أيضا ولنعلمه من تأويل الأحاديث.
المراد من " تأويل الأحاديث " - كما أشرنا سابقا - هو علم تفسير الأحلام وتعبير الرؤيا حيث كان يوسف قادرا على أن يطلع على بعض أسرار المستقبل من خلاله، أو المراد منه الوحي لأن يوسف مع عبوره من المضائق الصعبة والشدائد القاسية ونجاحه في الاختبارات الإلهية في قصر عزيز مصر، نال الجدارة بحمل الرسالة والوحي. ولكن الاحتمال الأول أقرب كما يبدو للنظر.
ثم يختتم القرآن هذه الآية بالقول: والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
إن واحدة من مظاهر قدرة الله العجيبة وهيمنته على الأمور كلها أن يدع - في كثير من الموارد - أسباب موفقية الإنسان ونجاحه بيد أعدائه كما حدث في مسألة يوسف (عليه السلام)، فلو لا خطة إخوته لم يصل إلى الجب أبدا، ولو لم يصل إلى الجب لما وصل إلى مصر، ولو لم يصل إلى مصر لما ذهب إلى السجن ولما كان