النفسية، بحيث يجعل الميل المفرط والرغبة الجامحة لأمر ما - وخاصة مع اقترانهما بالرذائل الأخلاقية - غشاوة على إحساس الإنسان، فتنقلب عنده الحقائق وتتغير صورها.
لذا فإن القضاء الصحيح وإدراك الواقعيات العينية، لا يمكن لها أن تتحقق دون تهذيب النفس، وإذا كانت العدالة شرط في القاضي فإن هذا الأمر واحد من أسبابها... وإذا كان القرآن الكريم يقول في الآية (282) من سورة البقرة واتقوا الله ويعلمكم الله فذلك إشارة إلى هذه الحقيقة أيضا.
3 5 - الكذاب عديم الحافظة قصة يوسف - وما جرى له مع إخوته - تثبت مرة أخرى هذا الأصل المعروف الذي يقول: إن الكذاب لا يستطيع أن يكتم سره دائما، لأن الواقعيات العينية حين تظهر إلى الوجود الخارجي تظهر ومعها روابط - أكثر من أن تعد - مع موضوعات أخرى تدور حولها، وإذا أراد الكاذب أن يهيئ مناخا لمسألة غير واقعية فإنه لا يستطيع أن يحفظ هذه الروابط مهما كان دقيقا.
ولنفرض أنه يستطيع أن يؤلف بين عدد من الروابط الكاذبة في حادثة ما، ولكن المحافظة على هذه الروابط المصطنعة في ذهنه ليست عملا هينا، فإن أقل غفلة منه تسبب وقوعه في التناقض، فتتسبب هذه الغفلة في فضيحة صاحبها وتكشف الأمر الواقعي... وهذا درس كبير لمن يريد المحافظة على ماء وجهه ومكانته في المجتمع أن لا يلجأ إلى الكذب فيتعرض موقعه الاجتماعي للخطر وينزل عليه غضب الله.
3 6 - ما هو الصبر الجميل؟
الصبر أمام الحوادث الصعبة والأزمات الشديدة يدل على قوة شخصية الإنسان، وعلى سعة روحه بسعة ما تتركه هذه الحوادث فلا يتأثر ولا يهتز لها.