3 4 - لا قصاص ولا اتهام قبل الجناية نشاهد في هذا الفصل من القصة أن يعقوب بالرغم من علمه بما سيقدم عليه إخوة يوسف... وتحذيره ولده يوسف ألا يقصص رؤياه على إخوته، وأن يكتم الأمر، إلا أنه لم يكن مستعدا لأن يتهمهم بقصد الإساءة إلى يوسف، بل كان عذره إليهم أنه يحزنه فراقه، ويخاف أن يأكله الذئب في الصحراء.
والأخلاق والمعايير الإنسانية والأسس القضائية العادلة توجب ذلك أيضا، فحيث لم تتوفر لدينا علامة ظاهرة على مخالفة شخص ما فلا ينبغي اتهامه، فالأصل البراءة والصحة والطهارة إلا أن يثبت خلافه.
3 5 - تلقين العدو المسألة الأخرى أننا نقرأ - في ذيل الآيات المتقدمة - رواية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " لا تلقنوا الكذاب فيكذب فإن بني يعقوب (عليه السلام) لم يعلموا أن الذئب يأكل الإنسان حتى لقنهم أبوهم " (1). إشارة إلى أنه قد يحدث أحيانا أن لا يلتفت الطرف الآخر إلى الحيلة والى طريق الاعتذار وانتخاب طريق الانحراف، فعليكم أن تحذروا من ذكر الاحتمالات المختلفة التي تبين له طرق الانحراف.
ومثل هذا يشبه تماما ما لو قال الإنسان لطفله: لا ترم الكرة باتجاه المصباح، ولم يكن الطفل يعلم أن الكرة يمكن أن ترمى نحو المصباح، فيلتفت إلى أن مثل هذا العمل ممكن، وتتحرك فيه نوازع الفحص... ماذا سيكون لو رميت الكرة باتجاه المصباح؟ ثم يبدأ " لعبته " لتنتهي بتكسر المصباح!
وليس هذا موضوعا هينا ولا خاصا بالأطفال، فقد يتفق أحيانا أن الأوامر والنواهي الخاطئة، تسبب أن يتعلم الناس أشياء لم يعرفوها من قبل، فتوسوس لهم أنفسهم أن يقدموا عليها، فينبغي في مثل هذه الموارد - قدر المستطاع - أن