مثل هذه التعبيرات جميعا يشار بها إلى عظمة هذه الآيات، أي أنها بدرجة من الرفعة والعلو كأنها في نقطة بعيدة لا يمكن الوصول إليها ببساطة، بل بالسعي والجد المتواصل... فهي في أوج السماوات وفي أعالي الفضاء اللامتناهي، لا أنها مطالب ومفاهيم رخيصة يحصل عليها الانسان في كل خطوة.
ثم يأتي البيان عن الهدف من نزول الآيات فيقول: إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون.
فالهدف إذن ليس القراءة أو التلاوة أو التيمن أو التبرك بتلاوة هذه الآيات فحسب، بل الهدف الأساسي هو الإدراك... الإدراك القوي الذي يدعو الإنسان إلى العمل بجميع وجوده.
وأما سر كون القرآن عربيا فهو بالإضافة إلى أن اللغة العربية واسعة كما يشهد بذلك أهل المعرفة باللغات المختلفة من العالم، بحيث تستطيع أن تكون ترجمانا للسان الوحي، وأن تبين المفاهيم الدقيقة لكلام الله سبحانه، فمن المسلم به - بعد هذا - أن نور الإسلام بزغ في جزيرة العرب التي كانت منطلقا للجاهلية والظلمة والتوحش والبربرية، ومن أجل أن يجمع أهل تلك المنطقة حول نفسه فينبغي أن يكون القرآن واضحا مشرقا، ليعلم أهل الجزيرة الذين لاحظ لهم من الثقافة والعلم والمعرفة، ويخلق بذلك مركزا محوريا لانتشار هذا الدين إلى سائر نقاط العالم.
وبطبيعة الحال فإن القرآن بهذه اللغة " العربية " لا يتيسر فهمه لجميع الناس في العالم (وهذا شأن أية لغة أخرى) لأننا لا نملك لغة عالمية ليفهمها جميع الناس، ولكن ذلك لا يمنع من أن يستفيد من في العالم من تراجم القرآن، أو أن يطلعوا تدريجا على هذه اللغة ليتلمسوا الآيات نفسها ويدركوا مفاهيم الوحي في طيات هذه الألفاظ.
وعلى كل حال فالتعبير بكون القرآن عربيا - الذي تكرر في عشرة موارد