والقرف، ولهذا يطلق على جميع أنواع الخبائث والنجاسات والعقوبات لفظ " الرجس " لأن جميع هذه الأمور توجب نفور الإنسان، وابتعاده.
وعلى كل حال فإن هذه الكلمة في الآية المبحوثة يمكن أن تكون بمعنى العقوبات الإلهية، ويكون ذكرها مع جملة " قد وقع " التي هي بصيغة الفعل الماضي إشارة إلى أنكم قد أصبحتم مستوجبين للعقوبة حتما وقطعا، وأن العذاب سيحل بكم لا محالة.
كما يمكن أن يكون بمعنى النجاسة وتلوث الروح، يعني أنكم قد غرقتم في دوامة الانحراف والفساد إلى درجة أن روحكم قد دفنت تحت أوزار كثيفة من النجاسات، وبذلك استوجبتم غضب الله، وشملكم سخطه.
ثم لأجل أن لا يبقى منطق عبادة الأوثان من دون رد أضاف قائلا:
أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباءكم ما نزل الله بها من سلطان فهذه براء، وجئتم تجادلونني في عبادتها في حين لم ينزل بذلك أي دليل من جانب الله.
وفي الحقيقة، أن هذه الأصنام لا تملك من الألوهية إلا أسماء من دون مسميات، وهي أسماء من نسج خيالكم وخيال أسلافكم، وإلا فهي كومة أحجار وأخشاب لا تختلف عن غيرها من أحجار البراري وأخشاب الغابات.
ثم قال: فإذا كان الأمر هكذا فلننتظر جميعا، انتظروا أنتم أن تنفعكم أصنامكم ومعبوداتكم وتنصركم، وأنتظر أنا أن يحل بكم غضب الله وعذابه الأليم جزاء تعنتكم، وسيكشف المستقبل أي واحد من هذين الانتظارين هو الأقرب إلى الحقيقة والواقع فانتظروا إني معكم من المنتظرين.
وفي نهاية الآية بين القرآن مصير هؤلاء القوم المتعنتين في عبارة قصيرة موجزة: فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين أجل، لقد أنجى الله هودا ومن اتبعه من القوم بلطفه ورحمته، وأما