ورئيسها - أبا سفيان - أعلنوا إسلامهم - ظاهرا - في السنة الثامنة بعد فتح مكة، والسورة محل البحث نزلت في السنة التاسعة للهجرة.
كما أن الاحتمال بأن المراد من الآية هو الفرس أو الروم بعيد جدا عن مفهوم الآية، لأن الآية - أو الآيات محل البحث - تتكلم عن مواجهة فعلية، لا على مواجهات مستقبلية أضف إلى ذلك فإن الفرس أو الروم لم يهموا بإخراج الرسول من وطنه.
كما أن الاحتمال بأن المراد هم المرتدون بعد الإسلام، بعيد غاية البعد، لإن التأريخ لم يتحدث عن مرتدين أقوياء واجهوا الرسول ذلك الحين ليقاتلهم بمن معه من المسلمين.
ثم إن كلمة " أيمان " جمع " يمين " وكلمة " عهد " يشيران إلى المعاهدة بين المشركين والرسول على عدم المخاصمة، لا إلى قبول الإسلام. فلاحظوا بدقة.
وإذا وجدنا في بعض الروايات الإسلامية أن هذه الآية طبقت على " الناكثين " في " معركة الجمل " وأمثالها، فلا يعني ذلك أن الآيات نزلت في شأنهم فحسب، بل الهدف من ذلك أن روح الآية وحكمها يصدقان في شأن الناكثين ومن هم على شاكلتهم ممن سيأتون في المستقبل.
والسؤال الوحيد الذي يفرض نفسه ويطلب الإجابة، هو: إذا كان المراد جماعة المشركين الذين نقضوا عهودهم، وقد جرى الكلام عليهم في الآيات المتقدمة، فعلام تعبر الآية هنا عنهم بالقول: وإن نكثوا أيمانهم مع أنهم قد نكثوها فعلا.
والجواب: إن المراد من هذه الجملة - المذكورة آنفا - أنهم لو واصلوا نقضهم أو نكثهم للأيمان، ولم يثوبوا إلى رشدهم، فينبغي مقاتلتهم. ونظير ذلك ما جاء في قوله تعالى: اهدنا الصراط المستقيم ومفهومها أننا نطلب من الله أن يوفقنا لأن نسير على الصراط المستقيم وأن تستمر هدايته إيانا.