الفكر ولا صحة في العمل، فجميع أساليبهم خاوية بغير أساس.
تقول الآية الأولى من الآيات محل البحث: وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذه إن هذا إلا أساطير الأولين.
كانوا يقولون مثل هذا الكلام عندما يعجزون عن مواجهة القرآن ومعارضته، وكانوا يعرفون جيدا أنهم غير قادرين على معارضة القرآن، إلا أنهم ولحقدهم وعصبيتهم، أو لأنهم يريدون إضلال الناس، كانوا يقولون: إن الإتيان بمثل هذه الآيات غير عسير ولو نشاء لقلنا مثلها، ولكنهم لم يستطيعوا أن يأتوا بمثلها أبدا، وما هذا القول منهم سوى ادعاء فارغ يهدفون بذلك إلى ابقاء كيانهم الاجتماعي - كسائر الجبابرة في التأريخ - إلى أمر معدود.
والآية التالية تتحدث عن منطق عجيب آخر فتقول: وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم.
لقد كانوا يقولون ذلك لشدة تعصبهم وعنادهم، وكانوا يتصورون أن الدين الإسلامي لا أساس له أبدا، وإلا فإن أحدا يحتمل حقانية الإسلام كيف يمكنه أن يدعو على نفسه بمثل هذا الدعاء؟
كما ويحتمل أيضا أن شيوخ المشركين وسادتهم يقولون ذلك الكلام لتضليل الناس وليثبتوا لبسطائهم أن رسالة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) باطلة تماما، في حين أنهم لا يعتقدون بما يقولون. وكأنهم - أي المشركين - يريدون أن يقولوا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إنك تتكلم عن الأنبياء السابقين، وإن الله قد أهلك أعداءهم بحجارة أمطرها عليهم " كما هي الحال في شأن قوم لوط " فإن كنت صادقا فيما تقول فأمطر علينا حجارة من السماء!
وقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) (في مجمع البيان) أنه لما نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا (عليه السلام) يوم غدير خم فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، طار ذلك في البلاد، فقدم على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) النعمان بن الحارث الفهري، فقال: أمرتنا من الله