إيضاح لما ورد عن عالم الذر.
رأينا أن الآيات محل البحث تتحدث عن أخذ العهد من ذرية آدم، لكن كيف أخذ هذا العهد؟!
لم يرد في النص إيضاح في جزئيات هذا الموضوع، إلا أن للمفسرين آراء متعددة تعويلا منهم على الروايات الإسلامية " الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام) " ومن أهم هذه الآراء رأيان.
1 - حين خلق آدم ظهر أبناؤه على صورة الذر إلى آخر نسل له من البشر " وطبقا لبعض الروايات ظهر هذا الذر أو الذرات من طينة آدم نفسه " وكان لهذا الذر عقل وشعور كاف للاستماع والخطاب والجواب، فخاطب الله سبحانه الذر قائلا الست بربكم؟!...
فأجاب الذر جميعا: بلى شهدنا.
ثم عاد هذا الذر " أو هذه الذرات " جميعا إلى صلب آدم " أو إلى طينته " ومن هنا فقد سمي بهذا العالم بعالم الذر... وهذا العهد بعهد " ألست "؟
فبناء على ذلك، فإن هذا العهد المشار إليه آنفا هو عهد تشريعي، ويقوم على أساس " الوعي الذاتي " بين الله والناس.
2 - إن المراد من هذا العالم وهذا العهد هو عالم الاستعداد " والكفاءات "، و " عهد الفطرة " والتكوين والخلق. فعند خروج أبناء آدم من أصلاب آبائهم إلى أرحام الأمهات، وهم نطف لا تعدو الذرات الصغار، وهبهم الله الاستعداد لتقبل الحقيقة التوحيدية، وأودع ذلك السر الإلهي في ذاتهم وفطرتهم بصورة إحساس داخلي... كما أودعه في عقولهم وأفكارهم بشكل حقيقة واعية بنفسها.
فبناء على هذا، فإن جميع أبناء البشر يحملون روح التوحيد، وما أخذه الله من عهد منهم أو سؤاله إياهم: ألست بربكم؟ كان بلسان التكوين والخلق، وما أجابوه كان باللسان ذاته!