بالله.
وفي آخر آية من الآيات الحاضرة يعكس القرآن الكريم شكايات بني إسرائيل وعتابهم من المشكلات التي ابتلوا بها بعد قيام موسى (عليه السلام) فيقول: قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا فإذا متى يحصل الفرج؟!
وكأن بني إسرائيل مثل كثير منا كانوا يتوقعون أن تصلح جميع الأمور بقيام موسى (عليه السلام) في ليلة واحدة.... أن يزول فرعون ويسقط، ويهلك الجهاز الفرعوني برمته، وتصبح مصر بجميع ثرواتها تحت تصرف بني إسرائيل، ويتحقق كل ذلك عن طريق الإعجاز، من دون أن يتحمل بنو إسرائيل أي عناء.
ولكن موسى (عليه السلام) أفهمهم بأنهم سينتصرون في المآل، ولكن أمامهم طريقا طويلا، وإن هذا الانتصار - طبقا للسنة الإلهية - يتحقق في ظل الاستقامة والثبات والسعي والاجتهاد، كما جاء ذلك في الآية الحاضرة قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض.
وذكر كلمة " عسى " مثل كلمة " لعل " التي وردت في كثير من الآيات القرآنية إشارة - في الحقيقة - إلى أن لهذا التوفيق والانتصار شرائط، من دونها لا يصلون إليه، (للوقوف على المزيد في هذا المجال راجع ما كتبناه في تفسير الآية 84 من سورة النساء).
ثم يقول في ختام الآية: إن الله أعطاكم هذه النعمة، وأعاد إليكم حريتكم المسلوبة كي ينظر كيف تتصرفون أنتم فينظر كيف تعملون؟
يعني ستبدأ - بعد الانتصار - مرحلة امتحانكم واختباركم، اختبار شعب كان فاقدا لكل شئ ثم حصل على كل شئ في ضوء الهداية الإلهية.
إن هذا التعبير - هو ضمنا - إشعار بأنكم سوف لا تخرجون من هذا الاختبار - في المستقبل - بنجاح، وستفسدون وتظلمون كما فعل من كان قبلكم.