أو هل يمكن توهم: أن عناد المسلمين للقرآن ومعاندتهم للوحي أورثوا مثل هذه الأحدوثة، أم اليهود والنصارى وأمثالهم كانوا يشعرون بذلك، فأوقعوهم في مثل هذه الخلافات، الموجبة للوهن في الكتاب ولسقوطه عن الاهتداء به، وعن الاستدلال بكثير من الآيات، لأن اختلاف القراءات لا ثمرة فيه إلا ذلك؟
فالأمر عندي مشكل جدا، ولا أستطيع أن اصغي إلى روايات لو كانت هي معتبرة، تشعر بصحة القراءات أو اختلاف القرآن في الوحي والنزول، فإنه كسائر الكتب المدونة، لا يخصه شئ وارء رقاء موضوعاته وكيفية تأليفه وتركيبه، وارتقاء ما فيه من الأحكام العقلية والنقلية من السياسات وغيرها، وأما هذا الاختلاف فلا يظهر لي منه شئ، إلا توهم الوجه الأخير، أو قلة شعور جماعة من المسلمين وثلة من الطبقة العليا.
ومن الأباطيل الواضحة والأكاذيب الظاهرة، تواتر القراءات السبع وتفصيله في مقام آخر.
فعلى هذا المنهج والمسلك الذي أبدعناه إلى هنا تبين: أنه لابد من تفتيش القرائن والآثار على أن النازل على النبي الأعظم - صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين وسلم - ماذا من تلك القراءات.
وقبل الخوض في ذلك لابد من الإشارة إلى نكتة وأمر وهو: أن كثيرا من تلك القراءات - مضافا إلى شذوذه وبرودته وخروجه عن أسلوب الكلام - مخالف للقواعد الأدبية، ومنها قراءة " ملك " على وزن الفعل الماضي، فإنه كما مر في " رب " لا يمكن أن يكون وصفا لما سبق ولا جملة