بحمده، ولم يأذن في ذلك لغيره، بل نهاهم عن ذلك في كتابه وعلى لسان نبيه (عليه السلام): * (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى) * (1).
وقال (عليه السلام): " احثوا في وجوه المداحين التراب "، ورواه المقداد (2). انتهى.
وقال الفخر: أما الحمد، فإنه مأمور به مطلقا، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): " من لم يحمد الناس لم يحمد الله " (3). انتهى.
وقد عرفت أن الحمد على المشرب الأعلى والمسلك الأحلى، لا يقع لغير الله ثبوتا وتكوينا، فلا يعقل حمد الغير.
وأما في مقام الإظهار والإبراز: فإن قلنا: بأن فيه إشراب العبودية فلا يجوز، لأنه من الشرك في العبادة، وإن كان مجرد الثناء والشكر فيجوز.
وأما القول الأول: " احثوا... " على فرض صحة سنده فمعناه النهي عن المدح المتعارف في الأعصار المتجاوز فيه عن الواقعيات، ويكون المدح لأجل الأجرة والدنيا، لا في مقابل الإنعام والإفضال السابق عليه، فإذا لم يتجاوز عن الصدق فلا يشمله الحديث.
وأما القول الثاني: " من لم يحمد... " فهو غير ثابت اعتباره ولعله مأخوذ - كما مر - من المتن الموجود عندنا: " من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق "، ولو ثبت فالمراد منه الصنف الخاص منه، وهو الشكر أو الحمد الغير المشتمل على العبودية، كحمد الله تعالى، فلا تخلط.