(685) وهو عند البخاري أخصر منه.
فالظاهر أن الصحابة المذكورين لم يبلغهم هذا الحديث، وذلك دليل على صدق القول المشهور عن مالك وغيره: (ما منا من أحد إلا رد ورد عليه إلا صاحب هذا القبر (صلى الله عليه وسلم).
ثم رجعت عن ذلك إلى ما ذكرنا عن الصحابة لحديث عبد الله بن الزبير في أن ذلك من السنة، وهو صحيح الإسناد كما بينته في (سلسلة الأحاديث الصحيحة).
(تنبيه) روى البخاري في جزء القراءة (ص 24): حدثنا معقل بن مالك قال: حدثنا أبو عوانة عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة قال: (إذا أدركت القوم ركوعا لم تعتد بتلك الركعة).
فهذا سند ضعيف من أجل عنعنة ابن إسحاق، ومعقل، فإنه لم يوثقه أحد غير ابن حبان. وقال الأزدي: متروك. لكن رواه البخاري في مكان آخر منه (ص 13) عن جماعة فقال: حدثنا مسدد وموسى بن إسماعيل ومعقل بن مالك قالوا: حدثنا أبو عوانة به لكن بلفظ:
(لا يجزئك إلا أن تدرك الإمام قائما).
ثم قال البخاري: حدثنا عبيد بن يعيش قال: حدثنا يونس قال: حدثنا [أبن] إسحاق قال: أخبرني الأعرج به باللفظ الثاني. فقد ثبت هذا عن أبي هريرة لتصريح ابن إسحاق بالتحديث، فزالت شبهة تدليسه. وأما اللفظ الأول فلا يصح عنه لتفرد معقل بن مالك به ومخالفته للجماعة في لفظه، ولذلك لم أستحسن من الحافظ سكوته عليه في (التلخيص) (ص 127).
وثمة فرق واضح بين اللفظين فإن اللفظ الثابت يعطي معنى آخر لا يعطيه اللفظ الضعيف، ذلك لأنه يدل على أنه إذا أدرك الأمام قائما ولو لحظة ثم ركع أنه يدرك الركعة، هذا ما يفيده اللفظ المذكور، والبخاري ساقه في صدد إثباته وجوب قراءة الفاتحة وأنه لا يدرك الركعة إذا لم يقرأها، وهذا مما لا يتحمله هذا اللفظ كما هو ظاهر. والله أعلم.