توجيهه على الحاكم في صورة أخرى، بأن يقال: إنه لا يصلح شاهدا لشدة ضعفه كما سبق. فقد قال ابن الصلاح وتبعه جماعة:
(لا يلزم من ورود الحديث من طرق متعددة أن يكون حسنا لأن الضعف يتفاوت، فمنه ما لا يزول بالمتابعات كرواية الكذابين والمتروكين) (1).
قلت: وهذا الحديث من هذا القبيل، فإن في الطريقين الأولين متهمين، وفي الثالث وضاعا. فمن حسن الحديث من المعاصرين فقد غفل عن القاعدة التي نقلناها عن ابن الصلاح. وأمثاله كثيرون ممن يغفل عن ذلك! ولذلك قال الحافظ في تخريج الحديث من (التلخيص) (123):
(مشهور بين الناس، وهو ضعيف، ليس له إسناد ثابت، أخرجه الدارقطني عن جابر وأبي هريرة، وفي الباب عن علي وهو ضعيف أيضا).
قلت: أما حديث علي فهو موقوف كما ذكرنا في صدر الكلام خلافا لما أوهمه كلام الحافظ رحمه الله تعالى. وهو من رواية أبي حيان عن أبيه عن علي به. قيل له: ومن جار المسجد؟ قال: من أسمعه المنادي.
أخرجه البيهقي (3 / 57).
قلت: وهذا إسناد ضعيف علته والد أبي حيان واسمه سعيد بن حيان، قال الذهبي: (لا يكاد يعرف، وعنه ولده، روى له الترمذي حديثا عن علي وقال فيه: غريب).
وأما قول الحافظ في (تخريج الهداية) بعد أن عزاه الشافعي:
(ورجاله ثقات).
فإنما عمدته في ذلك توثيق ابن حبان وكذا العجلي لسعيد بن حيان، وهما من المعروفين بالتساهل في التوثيق، فلا يطمئن القلب لتفردهما بالتوثيق وكأنه