آنفا والموالاة بين الأيام بهذا المعنى إنما يتصور بعدم تخلل نهار خال عن الاعتكاف في البين ولا يضره تخلل الليل كما أفاده (ره) في موالاة الصيام لأنا نقول المفهوم منه موالاة الاعتكاف واستمراره في الأيام الثلاثة كما يحكم به الوجدان واعتبار الموالاة في الفعل الكاين في الأيام ليس بمنزلة اعتبار الموالاة و التتابع بين نفس الأيام حتى لا يضرها تخلل غير اليوم في البين كما زعمت باعتبار عدم إمكان تتابعها بغير فصل من الليل ولما أمكن تحقق فعل الاعتكاف في الليالي المتخللة في البين فلا يحصل الموالاة فيه إلا بتحققه واستمراره فيها بخلاف ما لو قيل لا يكون الصيام الذي يعتبر في الاستفتاح في أقل من ثلاثة أيام من وسط الشهر فإن ذلك لا يحمل على استمرار الصوم في الليالي المتخللة لعدم إمكان تحققه فيها والعمدة إن المعهود الواصل إلينا بالعمل المستمر من صاحب الشرع عليه السلام ليس إلا الاعتكاف الموصول فلا يمكننا الحكم بشرعية الاعتكاف المفصول بغير دليل تام لم يوجد والظاهر مما ورد أيضا كما سيأتي في كفارة جماع المعتكف ليلا اعتبار استمراره في الليل والظاهر من كلام المحقق والعلامة كما سيأتي دعوى الاجماع على ذلك أيضا وإن أمكن تأويله ثم إن الشهيد الثاني (ره) في المسالك نسب إلى العلامة وجماعة القول بدخول الليلة الأولى أيضا في الاعتكاف فيكون مبدء الثلاثة الغروب ووقت النية قبله أو في أنه وذلك لان اليوم يستعمل شرعا في المركب من النهار و الليل ولدخول الليل في اليومين الأخيرين فكذا الأول وفيه إن الظاهر أن استعمال اليوم في المركب بضم القرينة فلا يدل ذلك على كونه حقيقة فيه ودخول الليل في اليومين الأخيرين بالتبع باعتبار ملاحظة الموالاة كما عرفت فلا يلزم دخوله في الأول وحكم في المسالك بأولوية إدخال الليلة الأولى ولا ريب في تلك الأولوية للخروج عن عهدة الخلاف وقال وأكمل منه أن يجمع بين النية عند الغروب وقبل الفجر ولعله باعتبار احتمال عدم صحة الشروع في الاعتكاف من أول الليل وهو بعيد جدا وقال الشيخ في الخلاف لا خلاف إنه يجوز واحتمل بعض الأصحاب دخول الليلة المستقبلة في مسمى اليوم وعلى هذا فلا ينتهى الأيام الثلاثة إلا بانقضاء الليلة الرابعة وضعفه ظاهر وفي موضع من الخلاف إن شرط التتابع فكذلك أي يدخل الليلتان في الأيام الثلاثة وإلا أجزئه ثلاثة أيام بلا لياليهن قال الشيخ في موضع من الخلاف إذا قال لله علي أن اعتكف ثلاثة أيام لزمه ذلك فإن قال متتابعا لزمه بينها ليلتان وإن لم يشترط المتابعة جاز أن يعتكف نهار ثلاثة أيام بلا لياليهن وقال فيه أيضا قبل ذلك لا يكون الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام وليلتين ويمكن حمله على أنه أراد تحديد تمام وقت ينقضي فيه الاعتكاف وقال أيضا قبل ذلك فإن نذر اعتكاف ثلاثة أيام وجب عليه الدخول فيه قبل طلوع الفجر من أول يوم إلى غروب الشمس من اليوم الثالث والظاهر من تتمة كلامه إنه أراد تحديد الابتداء والانتهاء في كل يوم باعتبار وجوب الصوم في الاعتكاف فلا يناقض هذان ما نقلنا عنه أولا وكلامه في المشروط أيضا يوافق ذلك فقال أولا إن نذر أياما بعينها لم يدخل فيها لياليها إلا أن يقول العشر الأواخر أو ما يجري مجراه فليزمه حينئذ الليالي لان الاسم يقع عليه وقال ثانيا إن نذر اعتكاف ثلاثة أيام وجب عليه أن يدخل فيه قبل طلوع الفجر من أول يومه إلى بعد الغروب من ذلك اليوم وكذلك اليوم الثاني والثالث هذا إذا أطلقه فإن شرط التتابع لزمه الثلاثة الأيام بينها ليلتان وهو متروك كما عرفت وجهه وإن نذره أي اعتكاف النهار خاصة أو نذر أقل من ثلاثة أيام بطل النذر إذا نفى الأزيد لعدم التعبد به في الشرع فلا يصح نذره وأما إن الاعتكاف لا يكون أقل من ثلاثة أيام فلاجماع الفرقة المحقة قال الشيخ في الخلاف دليلنا إجماع الفرقة على أنه لا يكون الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام وقال المحقق في المعتبر قد أجمع فقهاؤنا على أنه لا يصح أقل من ثلاثة أيام بليلتين وأطبق الجمهور على خلاف ذلك وقال العلامة في المنتهى لا يجوز الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام بليلتين وهو مذهب فقهاء أهل البيت عليهم السلام والجمهور كافة على خلافه وقال في التذكرة على ما نقل عنها إنه قول علمائنا أجمع وما رواه أبو بصير في الصحيح كما قاله في المختلف عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا يكون الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام ومن اعتكف صام وينبغي للمعتكف إذا اعتكف أن يشترط كما يشترط الذي يحرم وأبو ولاد الحناط في الصحيح قال سئلت أبا عبد الله عن المرأة كان زوجها غايبا فقدم وهي معتكفة بإذن زوجها فخرجت حين بلغها قدومه من المسجد إلى بيتها وتهيأت لزوجها حتى واقعها فقال إن كانت خرجت من المسجد قبل أن يمضي ثلاثة أيام ولم تكن اشترطت في اعتكافها فإن عليها ما على المظاهر وعمر بن يزيد في الموثق على احتمال عن أبي عبد الله (عليه السلام قال إذا اعتكف العبد فليصم وقال لا يكون اعتكاف أقل من ثلاثة أيام واشترط على ربك في اعتكافك كما تشترط عند إحرامك إن ذلك في اعتكافك عند عارض إن عرض لك من علة تنزل بك من أمر الله تعالى وقوله عليه السلام إن ذلك في اعتكافك بيان للاشتراط أي يكون الشرط الخروج عند عروض العلة وداود بن سرحان قال بداني أبو عبد الله (عليه السلام) من غير أن أسئله فقال الاعتكاف ثلاثة أيام يعنى السنة إن شاء الله تعالى وما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) قال إذا اعتكف يوما ولم يكن اشترط فله أن يخرج ويفسخ اعتكافه وإن أقام يومين ولم يكن اشترط فليس له أن يفسخ اعتكافه حتى يمضي ثلاثة أيام لا يخلو عن دلالة على ذلك باعتبار لفظ الفسخ الذي ورد فيه أيضا الظاهر أن من يقول ممن خالفنا بأن الاعتكاف يكون في أقل من ثلاثة لا يقول بعدم جواز الخروج بعد اليومين حتى يمضي ثلاثة أيام وكذا ما رواه أبو عبيدة في الصحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) قال المعتكف لا يشم الطيب ولا يتلذذ بالريحان ولا يماري ولا يشتري ولا يبيع قال ومن اعتكف ثلاثة أيام فهو يوم
(٤٩٥)